للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فان كان ممن بلغه كل ذلك فعليه أن يعيد الصلاة ما دام وقتها لانه علم ووقتها قائم اذ لم يصل تلك الصلاة كما أمر ففرض عليه أن يصليها كما أمر وأما بعد الوقت فلا لأنه لا يصلى صلاة الا فى وقتها حاشا النائم والناسى والسكران فانهم خصوا بالنص فيهم (١).

وجاء فى المحلى أن من أصاب شيئا محرما فيه حد أو لا حد فيه وهو جاهل بتحريم الله سبحانه وتعالى له فلا شئ عليه فيه لا اثم ولا حد ولا ملامة، لكن يعلم حكمه فان عاد الى ذلك أقيم عليه حد الله تعالى فان ادعى جهالة نظر فان كان ذلك ممكنا فلا حد عليه أصلا.

وقد قال قوم بانه يحلف، ولا نرى نحن عليه حدا ولا تحليفا وان كان متيقنا انه كاذب لم يلتفت الى دعواه. قال ابو محمد رحمه الله تعالى: برهان ذلك قول الله عز وجل:

«وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ» (٢).

فان الحجة على من بلغته النذارة لا من لم تبلغه، وقد قال الله عز وجل:

«لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها» (٣).

وليس فى وسع أحد أن يعلم ما لم يبلغه لأنه علم غيب.

واذا لم يكن ذلك فى وسعه فلا يكلف الله أحدا الا ما فى وسعه فهو غير مكلف تلك القصة فلا اثم عليه فيما لم يكلفه ولا حد عليه ولا ملامة، وانما سقط‍ هذا عمن يمكن أن يعلم ويمكن أن يجهل فلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام». وقد جاءت فى هذا عن السلف آثار كثيرة كما روينا عن سعيد بن المسيب رضى الله تعالى عنه أن عاملا لعمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه كتب الى عمر يخبره أن رجلا اعترف عنده بالزنا فكتب اليه عمر أن سله هل كان يعلم انه حرام فان قال نعم فاقم عليه الحد وان قال لا فأعلمه انه حرام فان عاد فاحدوه.

وعن الهيثم بن بدر عن حرقوص قال أتت امرأة الى على بن أبى طالب كرم الله وجهه فقالت ان زوجى زنا بجاريتى فقال صدقت هى وما لها لى حل، فقال له على: اذهب ولا تعد، كأنه درأ عنه الحد بالجهالة (٤).

[مذهب الزيدية]

جاء فى شرح الازهار وحواشيه أن من نسى الجنابة حتى صلى صلوات بعضها بالوضوء وبعضها بالتيمم قضى ما صلى بالوضوء اذا كانت الجنابة مجمع عليها الا ما صلى بالتيمم لأنه كان فرضه (٥).


(١) المرجع السابق ج ٥ ص ١٥٦ نفس الطبعة.
(٢) الآية رقم ١٩ من سورة الانعام.
(٣) الآية رقم ٢٨٦ من سورة البقرة.
(٤) المحلى لأبى محمد على بن احمد بن سعيد بن حزم الاندلسى ج ١١ ص ١٨٨ مسئلة رقم ٢١٩٤ طبع ادارة الطباعة المنيرية بمصر سنة ١٣٥٢ هـ‍.
(٥) شرح الازهار فى فقه الأئمة الحسن عبد الله بن مفتاح ج ١ ص ١٢٥ طبع مطبعة حجازى بالقاهرة سنة ١٣٥٧ هـ‍.