للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك إن قتله عبد أجنبى فخير مولاه بين الدفع والفداء وفدى بقيمة العبد المقتول أن المولى يأخذ القيمة ويدفعها إلى ولى الجناية لما قلنا ولو دفع القاتل إلى مولى العبد المقتول يخير ولى العبد بين الدفع والفداء حتى لو تصرف فى العبد المدفوع بالبيع ونحوه يصير مختارا للفداء، لأن العبد القاتل قام مقام المقتول لحما ودما فكأن الأول قائم ..

وان قتله عبد آخر لمولاه يخير المولى فى شيئين فى العبد القاتل بين الدفع والفداء، لأن تعلق حق ولى الجناية بالعبد، جعل المولى كالأجنبى فصار كأن عبد أجنبى قتل العبد الجانى، وهناك يخير بين الدفع والفداء بقيمة المقتول فكذا هنا.

ولو قطعت (١) يد عبد أو فقئت عينه وأخذ المولى الأرش ثم جنى هذا العبد جناية فإن شاء المولى اختار الفداء وإن شاء دفع العبد كذلك ناقصا وسلم له ما كان أخذ من الأرش، لأنه كان عند الجناية ناقصا.

ولو شج العبد إنسانا موضحة وقيمته ألف درهم، ثم قتل آخر وقيمته ألفان.

فإن اختار المولى الفداء فدى عن كل واحدة من الجنايتين بأرشها.

وإن اختار الدفع دفعه مقسوما بينهما على قدر تعلق حق كل واحد منهما به.

[هل يتعدد الفداء بتعدد الجناية من العبد؟]

ولو جنى (٢): العبد جناية ففداه المولى ثم جنى جناية أخرى خير المولى بين الدفع والفداء، لأن العبد قد طهر عن الجناية الأولى بفدائه، فإذا جنى بعد ذلك فتعتبر جناية مبتدأة فيبتدئ حكمها، وهو الدفع، أو الفداء.

واذا جنى العبد ثم جنى جناية أخرى قبل أن يختار المولى الفداء فإنه يدفع إليهما جميعا، أو يفدى، لأنه لما لم يفد للأولى حتى جنى ثانيا، فحق كل واحد منهما تعلق بالعبد فيدفع إليها أو يفدى.

ما يصير به المولى مختارا للفداء وبيان صحة

الاختيار:

ما يصير به المولى مختارا للفداء نوعان:

نص ودلالة: أما النص فهو الصريح بلفظ‍ الاختيار، وما يجرى مجراه. نحو أن يقول. اخترت الفداء وآثرته أو رضيت به ونحو ذلك.

وسواء كان المولى موسرا أو معسرا فى قول أبى حنيفة فيسار المولى ليس بشرط‍ لصحة الاختيار عنده حتى لو اختار الفداء ثم تبين أنه فقير معسر صح اختياره وصارت الدية دينا عليه، لأنه وان كانت العزيمة هى وجوب الدفع، لكن الشرع رخص الفداء عند الاختيار، والإعسار لا يمنع


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ٧ ص ٢٦١ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق لأبى العلاء الدين أبى بكر بن مسعود الكاسانى ج ٧ ص ٢٦١ الطبعة السابقة.