للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهم كذلك وان لم يطلق عليهم أقارب عرفا والمراد دخولهم فى الجملة (١).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى كتاب «المغنى» أنه لا وصية لوارث الا أن يجيز الورثة ذلك. وجملة ذلك أن الانسان اذا أوصى لوارثه بوصية لم يجزها سائر الورثة لم تصح بغير خلاف بين العلماء.

قال ابن المنذر وابن عبد البر: أجمع أهل العلم على هذا، وجاءت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فروى أبو أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ان الله قد أعطى كل ذى حق حقه، فلا وصية لوارث» رواه أبو داود وابن ماجه والترمذى. ولأن النبى صلّى الله عليه وسلم منع الانسان من عطية بعض ولده، وتفضيل بعضهم على بعض فى حالة الصحة وقوة الملك وامكان تلافى العدل بينهم باعطاء الذى لم يعطه فيما بعد ذلك لما فيه من ايقاع العداوة والحسد بينهم، ففى حال موته أو مرضه وضعف ملكه وتعلق الحقوق به وتعذر تلافى العدل بينهم أولى وأحرى.

وان أجازوها جازت فى قول الجمهور من العلماء وقال بعض أصحابنا: الوصية باطلة وان أجازها سائر الورثة الا أن يعطوه عطية مبتدأة، أخذا من ظاهر قول أحمد فى رواية ابنه حنبل لا وصية لوارث (٢).

[مذهب الظاهرية]

جاء فى «المحلى» أنه فرض على كل مسلم أن يوصى لقرابته الذين لا يرثون اما لرق، واما لكفر، واما لأن هناك من يحجبهم عن الميراث، أو لأنهم لا يرثون فيوصى لهم بما طابت به نفسه لاحد فى ذلك. فان لم يفعل أعطوا ولا بد، ما رآه الورثة أو الوصى. فان كان والداه أو أحدهما على الكفر، أو مملوكا ففرض عليه أيضا أن يوصى لهما أو لأحدهما ان لم يكن الآخر كذلك، فان لم يفعل أعطى أو أعطيا من المال ولا بد، ثم يوصى فيما شاء بعد ذلك. فان أوصى لثلاثة من أقاربه المذكورين أجزأه. والأقربون من يجنمعون مع الميت فى الأب الذى به يعرف اذا نسب، ومن جهة أمه كذلك أيضا هو من يجتمع مع أمه فى الأب الذى يعرف بالنسبة اليه، لأن هؤلاء فى اللغة أقارب، ولا يجوز أن يوقع على غير هؤلاء اسم أقارب بلا برهان. وبرهان ذلك قول الله تبارك وتعالى: «كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}.

{فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ، إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» (٣).

فهذا فرض خرج منه الوالدان والأقربون


(١) مغنى المحتاج لمعرفة معانى ألفاظ‍ المنهاج للشيخ محمد الشربينى الخطيب ح‍ ٣ ص ٥٩ - ٦٠. فى كتاب على هامشه متن المنهاج للامام النووى.
(٢) المغنى لأبى محمد عبد الله بن أحمد ابن محمد بن قدامه على مختصر أبى القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله بن أحمد الخرقى ح‍ ٦ ص ٤١٩ بتحقيق السيد محمد رشيد رضا طبع مطبعة المنار بمصر ١٣٤١ هـ‍.
(٣) الآية رقم ١٨٠، ١٨١ من سورة البقرة.