للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السدس (١). وقول الرسول صلّى الله عليه وسلم: «لا وصية لوارث». ويقول الشافعى: وما وصفت من أن الوصية الوارث منسوخة بأى المواريث وان لا وصية لوارث مما لا أعرف فيه عن أحد ممن لقيت خلافا ..

واذا كانت الوصايا لمن أمر الله تعالى ذكره بالوصية له منسوخة بأى المواريث، وكانت السنة تدل على أنها لا تجوز لوارث، وتدل على انها تجوز لغير قرابة، دل ذلك على نسخ الوصايا للورثة، وأشبه أن يدل نسخ الوصايا لغيرهم. ودل على أن الوصايا للوالدين وغيرهما ممن يرث بكل حال اذا كان فى معنى غير وارث فالوصية له جائزة ومن قيل أنها انما بطلت وصيته اذا كان وارثا، فاذا لم يكن وارثا فليس بمبطل للوصية.

واذا كان الموصى يتناول من شاء بوصيته كان والده دون قرابته اذا كانوا غير ورثة فى معنى من لا يرث ولهم حق القرابة وصلة الرحم.

والدليل على أن الوصية لغير ذى الرحم جائزة حديث عمران بن حصين أن رجلا أعتق ستة مملوكين له ليس له مال غيرهم فجزأهم النبى صلّى الله عليه وسلّم ثلاثة أجزاء، فأعتق اثنين وأرق أربعة، والمعتق عربى، وانما كانت العرب تملك من لا قرابة بينها وبينه، فلو لم تجز الوصية الا لذى قرابة لم تجز للمملوكين، وقد أجازها لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (٢). وجاء فى كتاب الوجيز، أنه لو أوصى المرء لأقرب أقاربه دخل فيه الأب والابن، ثم لا ترجيح بالذكورة، فيستوى الأب والأم والأخ والأخت (٣). ويجوز التفويص الى النساء، والأم أولى من ينصب قيما، فان لم تنصب فلا ولاية لها. ولو أوصى المرء الى مستولدته أو مدبره ففيه تردد (٤).

وجاء فى كتاب «الأنوار» أنه لا تصح الوصاية من الصبى والمجنون والرقيق، ومن الأم والأخ والعم والوصى المطلق، وتصح الى الأنثى، وأم الطفل أولى من غيرها (٥).

ولو أوصى بشئ لأقارب زيد مثلا أو رحمه دخل كل قرابة له وإن بعد مسلما كان أو كافرا غنيا أو فقيرا حرا أو رقيقا ويكون نصيبه لسيده، ولا يدخل الأصل أى الأب والأم فقط‍ ولا الفرع أى أولاد الصلب فى الأصح اذ لا يسمون أقارب عرفا. أما الأجداد والأحفاد فيدخلون لشمول الاسم لهم ورأى آخر يدخل الأصل والفرع لأنهما يدخلان فى الوصية لأقرب الأقارب. فكيف لا يكونون من الأقارب، قال السبكى وهذا أظهر بحثا ونقلا. ولا تدخل قرابة الأم فى الوصية للأقارب فى وصية العرب للأصح ويدخل فى أقرب أقارب الموصى الأصل من أب وأم والفرع من ابن وبنت كما يدخل غيرهم عند عدمهم لأن أقربهم هو المنفرد بزيادة القرابة


(١) الآية رقم ١١ من سورة النساء.
(٢) الأم للامام الشافعى ح‍ ٤ ص ٢٧.
(٣) الوجيز لمحمد بن محمد أبو حامد الغزالى ح‍ ١ ص ١٦٦ طبعة مطبعة حوش قدم بمصر.
(٤) المرجع نفسه ح‍ ١ ص ١١٤ نفس الطبعة.
(٥) الأنوار لأعمال الأبرار ليوسف الأردبيلى ح‍ ٢ ص ٢٤ الطبعة الأولى بمطبعة الجمالية بمصر ١٣٢٨ هـ‍ - ١٩١٠ م كتاب على هامشه حاشية الكمثرى وحاشية الحاج ابراهيم.