للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى والشرح الكبير أن الاغماء لا يزيل ولاية النكاح لأنه يزول عن قرب فهو كالنوم ولذلك لا تثبت الولاية على المغمى عليه، ويجوز الاغماء على الأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم، ومن كان يجن فى الأحيان لم تزل ولايته لأنه لا يستديم زوال عقله فهو كالاغماء (١)، ولو أوجب النكاح ثم زال عقله بجنون أو اغماء بطل حكم الايجاب ولم ينعقد بالقبول بعده لأنه ما لم يضامه القبول لم يكن عقدا فبطل بزوال العقل كالعقود الجائزة تبطل بالموت والجنون - وهذا مذهب الشافعى رحمه الله تعالى - وان زال عقله بنوم لم يبطل حكم الايجاب لأنه لا يبطل العقود الجائزة فكذلك هذا (٢).

[مذهب الزيدية]

جاء فى شرح الأزهار (٣) ان من دواعى انتقال ولاية النكاح ممن يستحقها الى من يليه جنون الولى ولو صرعا ولو كان يفيق فى الحال، وكذا زوال عقله بالسكر أو الاغماء أو البنج وقيل ان هؤلاء الثلاثة ينتظرون حتى يفيقوا ولا تبطل ولايتهم (٣).

ومن أركان عقد النكاح أن يكون القبول واقعا فى المجلس الذى وقع فيه الايجاب. قال فى الحاشية: والعبرة بمجلس القابل من زوج أو ولى، وظاهر الأزهار أنه لا فرق لأن أعراض الموجب كالرجوع قبل القبول، وهو يبطل بالرجوع من المبتدئ أو احرامه أو ردته أو جنونه أو الاغماء عليه. قال المؤيد بالله فى أحد قوليه: ويشترط‍ أن يقع القبول عقيب الايجاب فورا والا بطل اذا تراخى ولو قليلا وهو أحد قولى أبى طالب، وقال أبو طالب فى القول الأخير:

لا يشترط‍ ذلك، وانما يشترط‍ أن يقع القبول قبل الاعراض أو لا يتخلل بين الايجاب والقبول من المتزوج أمر يفهم من حاله انه معرض عن القبول نحو أن يقوم بعد سماع الايجاب أو نحو ذلك، فلو تخلل زوال عقل أحدهما ثم أفاق ثم أوجب أو قبل لم يصح بل يستأنف وكذا لو أغمى على الزوجة وقد رضيت قال فى البحر بطل اذنها.

ولعل ذلك حيث أفاقت ولم يعقد الولى، وعن المفتى عليه السلام: المذهب أن اذنها لا يبطل به (٤).

[مذهب الإمامية]

جاء فى شرائع الاسلام أنه اذا أوجب عقد النكاح من يصح ايجابه ثم جن أو أغمى عليه بطل حكم الايجاب فلو قبل من يصح قبوله بعد ذلك كان لغوا، وكذا لو سبق القبول من القابل ثم زال عقله فلو أوجب الولى بعد ذلك كان لغوا (٥).

ولا عبرة فى النكاح بعبارة الصبى ايجابا وقبولا ولا بعبارة المجنون وفى السكران الذى لا يعقل تردد، أظهره أنه لا يصح ولو أفاق فأجاز، وفى رواية أن السكرى اذا زوجت نفسها ثم أفاقت فرضيت أو دخل بها فأفاقت وأقرته كان ماضيا (٦).

ولو جن الأب أو أغمى عليه انتقلت ولايته الى الجد خاصة فان زال المانع عادت الولاية اليه (٧).

ومن عيوب المرأة التى يجوز أن يرد بها النكاح الجنون وهو فساد العقل فلا يثبت الخيار مع السهو السريع زواله ولا مع الاغماء العارض مع غلبة المرة، وانما يثبت الخيار فيه مع استقراره (٨).


(١) المغنى لابن قدامة ج‍ ٧ ص ٣٥٥، ص ٣٥٦
(٢) المرجع السابق ج‍ ٧ ص ٤٣٢ نفس الطبعة.
(٣) شرح الأزهار فى فقه الأئمة الأطهار لأبى الحسن عبد الله بن مفتاح ج‍ ٢ ص ٢٢٦ وحواشيه الموضوعة أسفل كتاب الطبعة الثانية طبع مطبعة حجازى بمصر سنة ١٣٥٧ هـ‍.
(٤) شرح الأزهار فى فقه الأئمة الأطهار وحواشيه ج‍ ٢ ص ٢٣٢ الطبعة السابقة.
(٥) شرائع الاسلام فى الفقه الاسلامى الجعفرى للمحقق الحلى ج‍ ٢ ص ٩ طبع مطابع دار مكتبة الحياة للطباعة والنشر ببيروت.
(٦) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ٨ نفس الطبعة.
(٧) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ١١ نفس الطبعة.
(٨) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ٣٠، ص ٣١ نفس الطبعة.