للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحد منهما يعتقد فساد صلاة صاحبه وأنه صار فذا وهذا على الرواية التى تقول بفساد صلاة كل واحد من الامام والمأموم بفساد صلاة صاحبه لكونه صار فذا وعلى الرواية المقصورة ينوى كل واحد منهما الانفراد ويتم الصلاة ويحتمل أنه انما قضى بفساد صلاتهما اذا أتما الصلاة على ما كان عليه من غير فسخ النية فأن المأموم يعتقد أنه مؤتم بمحدث اذ ليس لأحدهما أن يأتم بصاحبه أو يؤمه مع اعتقاد حدثه ولعله أو بذلك احتياطا أما اذا صليا منفردين لا يجب الوضوء والامام يعتقد أنه يؤم محدثا وأما الوضوء فلعل الامام أحمد رحمه الله تعالى انما أراد بقوله يتوضأن لتصح صلاتهما جماعة واحد منهما لأن يقين الطهارة موجودة فى كل واحد منهما والحدث مشكوك فيه فلا يزول اليقين بالشك (١).

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى أنه لا يحل تعمد الكلام مع أحد من الناس فى الصلاة. لا مع الامام فى اصلاح الصلاة ولا مع غيره. فان فعل بطلت صلاته.

ولو قال فى صلاته رحمك الله يا فلان بطلت صلاته.

وذلك قد روى عن أبى وائل عن ابن مسعود رضى الله تعالى عنهم قال: كنا نسلم فى الصلاة ونأمر بحاجتنا فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى. فسلمت عليه فلم يرد على السّلام فأخذنى ما قدم وما حدث فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال: ان الله يحدث من أمره ما يشاء وأن الله قد أحدث ألا تكلموه فى الصلاة فرد على السّلام ولا يجوز لأحد أن يفتى الامام الا فى أم القرآن وحدها فان التبست القراءة على الامام فليركع. أو فلينتقل الى سورة أخرى فمن تعمد أفتاءه وهو يدرى أن ذلك لا يجوز له بطلت صلاته. برهان ذلك ما ذكر من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (أتقرأون خلفى؟ قالوا: نعم: قاله فلا تفعلوا الا بأم القرآن) فوجب أن من أفتى الامام لا يخلو من أحد وجهين أما أن يكون قصد به قراءة القرآن.

أو لم يقصد به قراءة القرآن. فان كان قصد به قراءة القرآن فهذا لا يجوز بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يقرأ المأموم شيئا من القرآن حاشا أم القرآن وان كان لم يقصد به قراءة القرآن فهذا لا يجوز لأنه كلام فى الصلاة.

وقد أخبر صلّى الله عليه وسلّم أنه لا يصلح فيها شئ من كلام الناس.

وهو قول على بن أبى طالب وغيره (٢).

ومن تكلم ساهيا فى الصلاة فصلاته تامة. قل كلامه أو كثر. وعليه سجود السهو فقط‍.

وكذلك ان تكلم جاهلا.

هذا وقد روى عن عطاء ابن يسار عن معاويه ابن الحكم السلمى رضى الله تعالى عنهما قال:

بينا أنا أصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ عطس رجل من القوم فقلت:

يرحمك الله فرمانى القوم بأبصارهم فقلت وأشكل أمياه ما شأنكم تنظرون الى؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم. فلما رأيتهم يصمتوننى لكنى سكت. فلما صلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فبأبى هو وأمى ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه.

فو الله ما كهرنى ولا ضربنى ولا شتمنى. قال ان هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس انما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن.


(١) المرجع السابق ج ١ ص ٧٥٠ نفس الطبعة
(٢) المحلى لأبن حزم الظاهرى ج ٤ ص ٢ مسألة رقم ٣٧٨ وص ٣ مسألة رقم ٣٧٩