للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثالثًا إنكار الرجعة

جاء في (حاشية الدسوقى): لا تصح رجعة إن أقر الزوج بالوطء فقط وكذبته الزوجة في خلوة زيارة، وطلقها؛ لأنه طلاق قبل البناء ولها، كل الصداق بإقراره وعليها العدة احتياطًا. بخلاف إقراره فقط في خلوة البناء، فقيل: له الرجعة عليها، وهو ضعيف، والمعتمد أنه لا بين خلوة لزيارة أو في البناء، حتى إنه لا يكفى إقراره فقط ولابد؛ لأنه إذا ثبتت الزوجية بشاهدين واختلى بها في حال زيارته لها، وثبتت الخلوة بامرأتين متى ادعى أنه وطئها وكذبته وطلقها، وأراد رجعتها، فلا تتم له تلك الرجعة، ولا يمكن منها، ويحكم بكون الطلاق بائنًا. وعليها العدة للخلوة.

وتصح رجعة الرجل لزوجته إن قامت بينة له بعد العدة على إقراره بالوطء أو بالتلذذ بها فيها، وادعى أنه نوى به الرجعة أو قامت بينة على معاينة تصرفه لها وبينة عندها في العدة، وادعى الرجعة بها، وأما شهادة البينة على إقراره بذلك من غير معاينة لما ذكر فلا يعمل بها، وإن قالت المطلقة عند قصده ارتجاعها: أنا حضت ثالثة فلا رجعة لك عليّ، فأقام الزوج بينة شهدت على قولها قبل هذا القول بما يكذبها بأن شهدت بأنها قالت: لم أحض أصلًا أو لم أحض ثالثة. وليس بين قوليها وقت يمكن أن تحيض فيه. فتصح رجعته، فإن لم يقمها لم تصح، ولو رجعت لتصديقه أو أشهد الزوج برجعتها في العدة فصمتت يومًا أو بعضه ثم قالت: كانت عدتى قد انقضت قبل إشهادك برجعتى؛ فتصح رجعته وتعد نادمة، لو بادرت بالإنكار لم تصح إن مضت مدة يمكن فيها انقضاء العدة، وكذلك تصح رجعة الرجل إن ادعى بعد انقضاء العدة أنه كان راجعها فيها وكذبته، فلن يصدق لعدم البينة فتزوجت بغيره، ثم ولدت ولدًا كاملًا لدون ستة أشهر من وطء الثاني، فإن هذا الولد لحق بالأول لظهور كون الحمل منه، ويفسخ نكاح الثاني وترد إلى الأول برجعته التي ادعاها، ولم تصدقت عليها؛ لأنه تبين أنها حين الطلاق كانت حاملًا، وعدة الحامل وضع حملها كله (١).

رابعًا: إنكار العدة

جاء في (الشرح الكبير) قوله: ولما ذكر المواضع التي لا تصح فيها الرجعة ذكر ما تصح فيها بقوله: وصحت رجعته إن قامت له بينة بعد العدة على إقراره بالوطء فيها؛ أي أو بالتلذذ بها فيها وادعى أنه نوى به الرجعة أو على معاينة تصرفه لها ومبيته عندها فيها أي في العدة وادعى الرجعة بها، وأما شهادتها على إقراره بذلك معاينة لما ذكر فلا يعمل بها، ثم إن أراد بالتصرف التصرف الخاص بالأزواج كأكل معها وغلق باب عليهما دون أحد الوقوف، فالواو في كلامه بمعنى أو؛ إذ يكفى أحدهما. وإن أراد العام كشراء نفقة وفاكهة من السوق وبعثها لها كانت الواو على حقيقتها لكن لا حاجة لذكر التصرف؛ لأن معاينة المبيت وحدها تكفى في تصديقه، فأولى إذا انضم إليها التصرف العام أو قالت المطلقة عند قصده ارتجاعها: أنا حضت ثالثة فلا رجعة لك عليّ فأقام الزوج بينة شهدت على


(١) حاشية الدسوقى: ٢/ ٤٣٠ - ٤٣١.