للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكسوة. وتسقط كفاية الرقيق بمضى الزمان، فلا تصير دينا عليه إلا باقتراض القاضي أو إذنه فيه واقترض، كنفقة القريب بجامع وجوبها بالكفاية، ويبيع القاضي أو يؤجر فيها ماله إن امتنع أو غاب لأنه حق وجب عليه تأديته، وكيفية بيعه أو إيجاره أنه إن تيسر بيع ماله أو إيجاره شيئا فشيئا بقدر الحاجة فذاك وإن لم يتيسر كعقار استدان عليه إلى أن يجتمع ما يسهل البيع أو الإِيجار ثم باع أو أجر ما يفى به لما في بيعه أو إيجاره شيئا فشيئا من المشقة، وعلى هذا يحمل كلام من أطلق أنه يباع بعد الاستدانة فإن لم يمكن بيع بعضه ولا إجارته وتعذرت الاستدانة باع جميعه أو أجره (١). وعلى صاحب دواب علف دوابه المحترمة وسقيها أو تخليتها للرعى وورود الماء إن اكتفت به، فإن لم تكتف به كجدب الأرض ونحوه أضاف إليها ما يكفيها وذلك لحرمة الروح، ولخبر الصحيحين دخلت امرأة النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض (٢). والمراد بكافة الدابة وصولها لأول الشبع والرى دون غايتهما. فإن امتنع المالك من ذلك وله مال أجبر في الحيوان المأكول على أحد ثلاثة أمور؛ بيع له أو نحوه مما يزول به ضرره، أو علف، أو ذبج، وأجبر في غير المأكول على أحد أمرين، بيع أو علف، ويحرم ذبحه للنهى عن ذبع الحيوان إلا كله، وإنما أجبره على ذلك صونا له عن الهلاك، فإن لم يفعل ناب الحاكم عنه في ذلك على ما يراه ويقتضيه الحال، فإن لم يكن له مال باع الحاكم. الدابة أو جزءا منها أو أكراها عليه، قال الأذرعى رضى الله تعالى عنه: ويشبه أن لا يباع ما أمكن إجارته، وحكى عن مقتضى كلام الشافعي والجمهور، فإن تعذر ذلك فعلى بيت المال كفايتها، فإن تعذر فعلى المسلمين كنظيره في الرقيق. ثم لو كانت دابته لا تملك ككلب لزمه أن يكفيها أو يدفعها لمن يحل له الانتفاع بها، قال الأذرعى رضى الله تعالى عنه: أو يرسلها (٣).

[مذهب الحنابلة]

أولا: حكم الامتناع من نفقة الزوجة: جاء في المغنى أن الزوج إذا لم يدفع إلى امرأته ما يجب لها عليه من النفقة والكسوة أو دفع إليها أدل من كفايتها فلها أن تأخذ من ماله الواجب أو تمامه بإذنه وبغير إذنه بدليل قول النبى - صلى الله عليه وسلم - لهند: "خذى ما يكفيك وولدك بالمعروف"، وهذا إذن لها في الأخذ من ماله بغير إذنه، ورد لها إلى اجتهادها في قدر كفايتها وكفاية ولدها وهو متناول لأخذ تمام الكفاية، فإن ظاهر الحديث دل على أنه قد كان يعطيها بعض الكفاية ولا يتممها لها، فرخص النبي - صلى الله عليه وسلم - لها في أخذ تمام الكفاية بغير علمه لأنه موضع حاجة، فإن النفقة لا غنى عنها ولا قوام إلا بها، فإذا لم يدفعها الزوج ولم تأخذها أفضى إلى ضياعها وهلاكها، فرخص لها في أخذ قدر نفقتها دفعا لحاجتها، ولأن النفقة تتجدد بتجدد الزمان شيئا فشيئا، فتشق المرافعة إلى الحاكم والمطالبة بها في كل الأوقات، فلذلك رخص لها في أخذها بغير إذن من هي عليه. وذكر القاضي بينها


(١) المرجع السابق جـ ٣ ص ٤٢٣، ص ٤٢٤ نفس الطبعة.
(٢) خشاش الأرض بفتح الخاء وكسرها أي هوامها.
(٣) مغنى المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للشيخ محمد الشربينى الخطيب جـ ٣ ص ٤٢٥، ص ٤٢٦ الطبعة السابقة.