للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاقامة هذا مذهب الحنفية وقريب منه بقية المذاهب (١).

[متى يصير المسافر مقيما]

المسافر اذا صح سفره يظل على حكم السفر ولا يتغير هذا الحكم الا أن ينوى الاقامة أو يدخل وطنه وحينئذ تزول حالة السفر ويصبح مقيما تنطبق عليه أحكام المقيم ولكل من الاقامة ودخول الوطن أحكامه الخاصة به.

[أولا: الاقامة من السفر للاقامة شرائط‍ هى]

[أ - نية الاقامة ومدتها المعتبرة]

نية الاقامة أمر لا بد منه عند الحنفية حتى لو دخل مصرا ومكث فيه شهرا أو اكثر لانتظار قافلة أو لحاجة أخرى يقول: أخرج اليوم أو غدا ولم ينو الاقامة فانه لا يصير مقيما وذلك لاجماع الصحابة رضى الله عنهم فانه روى عن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه أنه أقام بقرية من قرى نيسابور شهرين وكان يقصر الصلاة وعن ابن عمر رضى الله عنهما أنه أقام بأذريجان شهرا وكان يقصر الصلاة، وروى عن عمران بن حصين رضى الله عنه أنه قال:

شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام فتح مكة فأقام بمكة ثمان عشرة ليلة لا يصلى الا الركعتين ثم قال لأهل مكة: صلوا أربعا فانا قوم سفر

[أما مدة الاقامة المعتبرة]

فأقلها خمسة عشر يوما لما روى ابن عباس وابن عمر رضى الله عنهم أنهما قالا: اذا دخلت بلدة وأنت مسافر وفى عزمك أن تقيم بها خمسة عشر يوما فأكمل الصلاة وان كنت لا تدرى متى تظعن فأقصر وهذا باب لا يوصل اليه بالاجتهاد لأنه من جملة المقادير ولا يظن بهما التكلم جزافا فالظاهر أنهما قالا سماعا من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[وعند المالكية]

لا بد من النية وأقل مدة الاقامة: أربعة أيام صحاح مع وجوب عشرين صلاة فى مدة الاقامة ولا يحتسب من الايام يوم الدخول ان دخل بعد طلوع الفجر، ولا يوم الخروج إن خرج فى أثنائة ولا بد من اجتماع الأمرين: الأربعة أيام والعشرين صلاة، واعتبر سحنون العشرين صلاة فقط‍، ثم ان نية الاقامة اما أن تكون فى ابتداء السير واما تكون فى أثنائه فان كانت فى ابتداء السير وكانت المسافة بين النية وبين محل الاقامة مسافة قصر الصلاة حتى يدخل محل الاقامة بالفعل وإلا أتم من حين النية أما ان كانت النية فى أثناء السفر فانه يقصر حتى يدخل محل الاقامة بالفعل، ولو كانت المسافة بينهما دون مسافة القصر على المعتمد ويستثنى من نية الاقامة نية العسكر بمحل خوف فانها لا تقطع حكم السفر، واذا أقام بمحل فى أثناء سفر، دون أن ينوى الاقامة به فان اقامته به لا تمنع القصر ولو أقام مدة طويلة الا أنه اذا علم أنه سيقيم أربعة أيام فى مكان عادة فان ذلك يقطع حكم السفر ولو لم ينو الاقامة لأن العلم بالاقامة كالنية بخلاف الشك فانه لا يقطع حكم السفر (٢).

[ويقول الشافعية]

لو نوى المسافر المستقل ولو محاربا اقامة أربعة (٣) أيام تامة لياليها أو نوى الاقامة وأطلق بموضع عينه انقطع سفره بوصوله ذلك الموضع سواء أكان مقصده أم فى طريقه أو نوى بموضع وصل اليه اقامة أربعة أيام انقطع سفره بالنية مع مكثه ولو أقام أربعة


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ١ ص ١٠٣، ص ١٠٤ الطبعة السابقة وحاشية ابن عابدين ج ١ ص ٧٤٣ وما بعدها الطبعة السابقة وشرح الخرشى وحاشية العدوى عليه ج ٢ ص ٦٢ الطبعة السابقة والمجموع شرح المهذب للنووى ج ٤ ص ٣٥٠ الطبعة السابقة وكشاف القناع مع هامش منتهى الارادات فى كتاب ج ١ ص ٣٢٨ الطبعة السابقة وشرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح ج ١ ص ٣٦٦ الطبعة السابقة والروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية للشهيد السعيد العاملى ج ١ ص ١١٣ الطبعة السابقة والمحلى لأبن حزم الظاهرى ج ٥ ص ٢٢ مسألة رقم ٥١٥ الطبعة السابقة وشرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج ١ ص ٥٢٦ الطبعة السابقة.
(٢) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ١ ص ٩٧، ص ٩٨ الطبعة السابقة.
(٣) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه ج ١ ص ٣٦١.