للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وان قال مستحق القود لمن له عليه قود عفوت عن جنايتك أو عفوت عنك برئ من الدية كالقود نصا.

ويصح عفو المفلس والمحجور عليه لسفه عن القصاص وان أراد المفلس القصاص لم يكن لغرمائه اجباره على تركه ليأخذ الدية لأنها غير متعينة له وان أحب المفلس العفو عنه الى مال فله ذلك كغير المفلس ولا يعفو مجانا لأن المال واجب وليس له اسقاطه اذا قلنا أن الواجب أحد شيئين وان قلنا الواجب القود عينا صح عفوه عنه مجانا لأنه لم يجب الا القود وقد أسقطه هذا معنى كلامه فى الكافى والشرح.

وفى المنتهى وغيره يصح عفوه مجانا لأن الدية لم تتعين وكذا أى كالمفلس فيما تقدم من استيفاء القصاص والعفو على مال أو مجانا السفيه ووارث المفلس والمكاتب وكذا المريض فيما زاد على الثلث والمذهب صحة العفو من هؤلاء مجانا لأن الدية لم تتعين كما تقدم فى المفلس.

قال فى كشاف القناع (١): يصح الصلح عن كل ما يجوز أخذ العوض عنه فيصح الصلح عن القصاص مع الاقرار والانكار بديات لأن الحسن والحسين وسعيد بن العاص بذلوا للذى وجب له القصاص على هدية بن حشرم سبع ديات فأبى أن يقبلها ولأن المال غير متعين فلا يقع العوض فى مقابلته ويصح الصلح عن القصاص أيضا

بدية وبأقل منها وبكل ما ثبت مهرا وهو أقل متمول حالا كان أو مؤجلا لأنه يصح اسقاطه مجانا فعلى ذلك أولى.

[مذهب الظاهرية]

قال (٢) ابن حزم فيمن له العفو عن الدم ومن لا عفو له، اختلف الناس فى هذا فقالت طائفة: العفو جائز لكل أحد ممن يرث وللزوج والزوجة وغيرهما، فان عفا أحد ممن ذكرنا فقد حرم القصاص ووجبت الدية لمن لم يعف.

وقال آخرون العفو للرجال خاصة دون النساء.

وقالت طائفة: من أراد القصاص فذلك له ولا يلتفت الى من أراد الدية أو العفو ما لم يتفقوا على ذلك.

قال أبو محمد: فلما اختلفوا كما ذكرنا وجب أن ننظر فيما احتجت به كل طائفة لقولها لنعلم الحق من ذلك فنظرنا فيما قالت به الطائفة القائلة بأن عفو كل ذى سهم جائز فوجدناهم يقولون بقول الله تعالى «وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ» فلما كان العفو أقرب للتقوى وجب أن من دعا الى من هو أقرب للتقوى كان قوله أولى، وذكر فى ذلك ما روى عن أنس بن مالك أنه قال: ما رأيت رسول الله صلّى الله


(١) كشاف القناع ج ٢ ص ١٩٥.
(٢) المحلى لابن حزم ج ١٠ ص ٤٧٧، ص ٤٧٩، ٤٨٠ الطبعة السابقة.