للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى وان لم يجد المضطر الا آدميا محقون الدم لم يبح له قتله اجماعا ولا اتلاف عضو منه. مسلما كان أو كافرا، لأنه مثله فلا يجوز أن يبقى نفسه باتلافه. وهذا لا خلاف فيه ..

وان وجد معصوما ميتا لم يبح أكله فى قول أصحابنا.

وقال بعضهم يباح وهو أولى لأن حرمة الحى أعظم (١).

[مذهب الظاهرية]

ذكر ابن حزم بعض آيات الاضطرار مثل قوله تعالى «فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» .. ثم قال بعد ذلك ان النص لم يبح له قط‍ أن يدفع ظلما عن نفسه بظلم غيره ممن لم يتعد عليه وانما الواجب دفع الظالم أو قتاله لقوله تعالى «وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ» ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ان استطاع فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الايمان ليس وراء ذلك من الايمان فى شئ فصح أنه لم يبح له قط‍ العون على الظلم لا لضرورة ولا لغيرها .. وأبيح له فى المخمصة بنص القرآن الاكل والشرب (٢) عند الضرورة، ويقول فى موضع آخر:

«وكل ما حرم الله عز وجل من المآكل والمشارب من خنزير أو صيد حرام أو ميتة أو دم .. أو غير ذلك فهو كله عند الضرورة حلال حاشا لحوم بنى آدم - وما يؤدى تناوله الى القتل مثل السموم - فلا يحل شئ من ذلك أصلا لا بضرورة ولا بغيرها (٣).

[مذهب الزيدية]

جاء فى البحر الزخار: ويجوز للضرورة كل محرم الا قتل محترم الدم … وله أخذ بضعة من جسده حيث لا يخاف من قطعها ما يخاف من الجوع كقطع المتآكلة حذرا من السراية (٤). ولكن لا يجوز للمضطر أن يقطع شيئا من جسم غيره اذا كان محترم الدم لان حرمة الدم تشمل القتل والقطع (٥).


(١) المغنى ج ١١ ص ٧٩ - ٨٠.
(٢) المحلى ج ٧ ص ٤٢٦.
(٣) المحلى ج ٧ ص ٤٢٦.
(٤) المراد بالسراية سريان المرض من العضو المريض الى بقية أجزاء الجسم السليمة فكما أنه يجوز القطع خوفا من السراية بل قد يجب فانه يجوز للمضطر أن يأخذ بضعة من جسده انقاذا لروحه ومهجته.
(٥) البحر الزخار ج ٤ ص ٣٣٣، ٣٣٤.