للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومثل السلطان فى اجراء الخلاف: الزعيم والمتغلب لأن المدار على خوف المحذور من مخالفته.

[حكم الحاكم وحكم الشرع]

يندرج تحت هذا العنوان فروع ذكرها فقهاء الشافعية جعلوا منها ما نزل الحكم فيها منزلة الاكراه.

أولا: كما لو حلف لا يفارقه حتى يستوفى حقه فأفلس ومنعه الحاكم من ملازمته ففى اعتباره مكرها خلاف.

ثانيا: لو حلف ليطأن زوجته الليلة فوجدها حائضا لم يحنث كما لو أكره على ترك الوط‍ ء.

ثالثا: لو قال لزوجته ان لم تصومى غدا فأنت طالق فحاضت ففى اعتباره مكرها خلاف، وجعلوا منها ما لم ينزل منزلة الاكراه كما لو حلف لا يحلف يمينا مغلظة فوجب عليه يمين وقلنا وجوب التغليظ‍ حلف وحنث (١).

[مذهب الحنابلة]

«الحنابلة يقسمون الاكراه الى نوعين اكراه ملجئ واكراه غير ملجئ وهم يتفقون مع الشافعية فى تعريف كل من النوعين».

وقسم الحنابلة الاكراه الى اكراه بحق واكراه بغير حق، فالاكراه بحق: كاكراه الحاكم المولى على الطلاق بعد التربص اذا لم يفى وكاكراه الحاكم الرجلين اللذين زوجهما وليان ولا يعلم السابق منهما على الطلاق. وحكم هذا النوع من الاكراه أنه لا يؤثر فى صحة القول أو الفعل الصادر من الشخص المكره لذلك قيل بوقوع الطلاق فى الصورتين السابقتين، لأنه قول حمل عليه بحق فصح كاسلام المرتد اذا أكره على الاسلام ولأنه انما جاز اكراهه على الطلاق ليقع طلاقه فلو لم يقع لم يحصل المقصود، وهذا النوع فى حقيقته كلا اكراه اذ لا يترتب عليه أثر فى الحكم، أما الاكراه بغير حق فكاكراه شخص على الطلاق. وكالاكراه على كلمة الكفر.

وحكم هذا النوع من الاكراه: أنه يؤثر فى الأقوال والأفعال. فلا يترتب عليها آثارها.

لذلك قيل بعدم وقوع طلاق المكره بغير حق. وعدم كفر المكره على كلمة الكفر (٢).

[متى يتحقق الاكراه]

لا يكون الشخص مكرها الا اذا ناله شئ من العذاب كالضرب والخنق والعصر للساق والحبس والقيد الطويلين والغط‍ فى الماء مع الوعيد. يدل لذلك أن المشركين أخذوا عمارا فأرادوه على الشرك فأعطاهم فأتى اليه النبى وهو يبكى فجعل يمسح الدموع من عينيه ويقول (أخذك المشركون فغطوك فى الماء وأمروك أن تشرك بالله ففعلته فان أخذوك مرة أخرى فأفعل ذلك) رواه أبو حفص باسناده وقال عمر رضى الله عنه ليس الرجل أمينا على نفسه اذا أوجعته أو ضربته أو أوثقته وهذا يقتضى وجود فعل يكون به اكراها.


(١) الأشباه والنظائر للسيوطى ج‍ ٨ ص ٢٤٣.
(٢) راجع المغنى ج‍ ٨ ص ٢٥٩، ٢٦٠ والشرح الكبير ج‍ ٨ ص ٢٤١، ٢٤٢.