للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد تعقب العلماء هذا التعريف بالإبطال.

فقال الغزالى: «وهو على خلاف اللغة والعرف، لكنه سواه على مذهبه، إذ لم ير الإجماع حجة، وتواتر إليه بالتسامع تحريم مخالفة الإجماع فقال «هو كل قول قامت حجته» (١).

وقال الآمدى «إنه قصد بذلك الجمع بين إنكاره كون إجماع أهل الحل والعقد حجة، وبين موافقته لما اشتهر بين العلماء من تحريم مخالفة الإجماع والنزاع معه فى إطلاق اسم الإجماع على ذلك مع كونه مخالفا للوضع اللغوى والعرف الأصولى آيل إلى اللفظ‍» (٢).

وفى روضة الناظر لابن قدامة المقدسى الحنبلى مثل ذلك (٣).

أنواع الإجماع

الإجماع نوعان: أحدهما:

الإجماع القولى، وهو ما فيه اتفاق الأقوال أو تواطؤ الأفعال على شئ واحد وصورته أن ينطق كل واحد من المعتبرين فى الإجماع بأنه يجب كذا، أو يحرم كذا، أو يندب، أو يكره، أو يباح، أو أن يفعل كل واحد من المعتبرين فعلا يواطئ فى ذلك فعل صاحبه، نحو أن يصلوا على الجنازة بأربع تكبيرات لا يزيد بعضهم عليها، ولا ينقص أو يتفقوا على ترك شئ نحو أن يتركوا الأذان فى صلاة العيد أو نحو ذلك فيكون إجماعا على أنه غير واجب فيها.

النوع الثانى - الإجماع السكوتى، وصورته: أن يقول بعضهم قولا: أو يعمل عملا ويسكت الباقون بعد انتشار ذلك القول أو العمل فيهم ومع القدرة على إنكاره، فلا ينكروه بل يسكتون عليه، كما إذا قال بعضهم: صلاة الكسوف مشروعة، فانتشر هذا القول فيهم فلم ينكره أحد منهم، كان إجماعا على شرعيتها فلو قال مثلا: مفروضة، ولم ينكروه ثبت الإجماع على فرضيتها (٤).

ولكل من النوعين حكم يخالف حكم الآخر، وسيأتى ذلك إن شاء الله تعالى فى الكلام على حجية كل منهما والنزاع فى اعتبار السكوتى إجماعا.

والحنفية يصفون الإجماع القولى بالعزيمة، والسكوتى بالرخصة.

جاء فى المنار وشرحه المسمى بنور الأنوار لملاجيون: «ركن الإجماع نوعان: عزيمة وهو التكلم بما يوجب الاتفاق أى اتفاق الكل على الحكم بأن يقولوا أجمعنا على هذا ان كان ذلك الشئ من باب القول، أو شروعهم فى الفعل إن كان من بابه، أى كان ذلك الشئ من باب الفعل، كما إذا شرع أهل الاجتهاد جميعا فى المضاربة أو المزارعة أو الشركة، كان ذلك اجماعا منهم


(١) المصدر السابق.
(٢) ج‍ ١ ص ٢٨١ من الأحكام للأمدى.
(٣) ج‍ ١ ص ٣٣٥ من روضة الناظر.
(٤) ص ٧٤ من كتاب طلعة الشمس.