للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأما اذا ترك تخليص النفس حتى قتلت فانه يضمن الدية فى ماله أن ترك التخليص عمدا وعلى عائلته أن تركه متأولا ولا يقتل به ولو ترك التخليص عمدا هذا مذهب المدونة.

وحكى عياض عن مالك أنه يقتل به.

قال الأبى فى شرح مسلم ما زال الشيوخ ينكرون حكايته عن مالك ويقولون أنه خلاف المدونة نقله الحطاب.

وفى التوضيح عن اللخمى أنه خرج ذلك على الخلاف فيمن تعمد الزور فى شهادته حتى قتل بها المشهود عليه قال فقد قيل يقتل الشاهد.

ومذهب المدونة لا قتل عليه.

وبذلك تعلم أن قول الخرشى ولو كان متعمدا لاهلاكه بترك تخليصه قتل غير صواب.

ثم قال (١): والمباح ما اذن فيه وان كان قد يجب للضرورة وهى الخوف على النفس من الهلاك علما أو ظنا ما يسد الرمق (٢).

وظاهره أنه لا يجوز له الشبع والمعتمد أن له أن يشبع ويتزود من الميتة فاذا استغنى عنها طرحها كما فى الرسالة غير آدمى وغير خمر من الأشربة.

ودخل فى غيرهما الدم والعذرة وضالة الابل نعم تقدم الميتة عليها.

وأما الآدمى فلا يجوز تناوله وكذا الخمر الا لغصة فيجوز أزالتها به عند عدم ما يسيغها به من غيره.

ونص الموطأ ومن أحسن ما سمعت فى الرجل يضطر الى الميتة أنه يأكل منها حتى يشبع ويتزود منها فان وجد عنها غنى طرحها وتناول قوله للضرورة ما يسد الملتبس بالمعصية كما هو مختار ابن يونس وشهره القرافى.

خلافا لمن قال لا يباح له تناول الميتة وتمسك بظاهر قوله تعالى «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ ٣ باغٍ وَلا عادٍ»، وقوله عز وجل «فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ ٤ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ}.

وأجاب المشهور بأن المراد غير باغ فى نفس الضرورة بأن يتجانف ويميل فى الباطن لشهوته ويتمسك فى الظاهر بالضرورة كأنه قيل فمن اضطر اضطرارا صادقا فاذا عصى فى نفس السبب المبيح كأن كاذبا فى الضرورة وبغى وتعدى فيها وتجانب الاثم كانت كالعدم.

[مذهب الشافعية]

أولا: حكم اغاثة المصلى لغيره

وهو فى الصلاة:

جاء فى المهذب (٥): ان رأى المصلى ضريرا يقع فى بئر فانذره بالقول ففيه وجهان.

قال أبو اسحاق المروزى رحمه الله تعالى لا تبطل صلاته لأنه واجب عليه فهو كاجابة النبى صلى الله عليه وسلم.

ومن أصحابنا من قال تبطل صلاته لأنه لا يجب عليه لأنه قد لا يقع فى البئر وليس بشئ فان كلمه انسان وهو فى الصلاة وأراد أن يعلمه أنه فى الصلاة أو سها الامام فأراد أن يعلمه بالسهو استحب له أن كان رجلا أن يسبح وتصفق أن كانت امرأة.


(١) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ١١٥ - ١٣٦ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) المراد بالرمق الحياة وسدها حفظها.
(٣) الآية رقم ١٧٣ من سورة البقرة.
(٤) الآية رقم ٣ من سورة المائدة.
(٥) المهذب لأبى اسحاق الشيرازى ج‍ ١ ص ٨٧ - ٨٨ وما بعدها طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر.