للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بمثله أن شاء وله العدول إلى السيف وإن لم يرض الجانى لأنه أسرع، ولو تعذر معرفة آلة القتل فهل يؤخذ باليقين أو يعدل إلى السيف؟ الأصح الأول. وأن كان القتل بسحر تعين فى آلة القصاص سيف غير مسموم، وان قتله بانهاش أفعى قتل بالنهش فى أرجح القولين وعليه تتعين تلك الأفعى، فإن فقدت فمثلها، والخمر واللواط‍ يتعين فى كل منهما السيف فى الأصح. والظاهر أنه لو قتله بالغمس فى الخمر لم يفعل به مثله لأن التضمخ (أى التلطخ) بالنجاسة حرام.

وقيل: لو قتل بشرب الخمر يوجر فى القاتل مائع كخل أو ماء حتى يموت، ويقولون أنه يتعين بالسيف جزما فيما لا مثل له. كما لو جامع صغيرة فى قبلها فقتلها، ولو ذبحه كالبهيمة جاز قتله بمثله فيما يظهر خلافا لابن الرفعة من تعين السيف.

ويقولون (١): لا قصاص بكسر السن كما لا قصاص فى كسر العظام إلا إذا كان لأهل الصنعة آلات قطاعة.

وقالوا (٢): لو أوضحه فذهب ضوء عينه أوضحه، فان ذهب الضوء فبها وإلا أذهب بأخف ممكن كتقريب حديدة محماة من حدقة عينه، أو وضع كافور فيها.

ويقول المالكية (٣): ان آلة القصاص تكون بمثل ما قتل به ولو نارا، إلا إذا ثبت القتل بقسامة فيقتل بالسيف، وكذلك القتل بخمر أو لواطة أو سحر، أو ما يطول كمنعه طعاما أو ماء حتى مات، فإنه يقتص بالسيف، والقصاص من القاتل بالسم فيه وجهان: قيل يقتل بالسيف وقيل يقتل به ويجتهد فى قدره. ويقولون كالشافعية: إن مستحق الدم إذا طلب أن يقتص من الجانى بالسيف فانه يجاب الى ذلك سواء الجانى قتل بالسيف أو غيره، حتى لو قتل بأخف من السيف خلافا لابن عبد السّلام.

ويقولون (٤): فيمن أذهب بصر غيره والعين قائمة إن آلة القصاص ما يستطاع به إذهاب البصر بحيلة من الحيل.

[آلة الرجم]

اتفق الفقهاء ما عدا الإباضية على مشروعية رجم الزانى المحصن بالحجارة المتوسطة التى هى دون الكبيرة وفوق الصغيرة.

إلا أن لهم مسالك فى التصوير وفى التوسعة أو التضييق نوردها فيما ننقله من كتبهم، فيقول الأحناف (٥): أن آلة حد الزنا للمحصن الرجم بالحجارة حتى يموت.

وينص المالكية (٦) على كون هذه الحجاره متوسطة بين الصغير والكبير دون الصغار خشية التعذيب والعظام خشية التشويه، ويقول الحنابلة (٧): أن آلة الرجم تكون بالحجارة وغيرها.

ونص الشافعية (٨): على أنها تكون بالمذر (أى الطين المتحجر) وبنحو خشب وعظم، والأولى كونه بنحو حجارة معتدلة بأن يكون كل منها يملأ الكف، ويحرم حجر كبير مذفف لتفويته المقصود من التنكيل،


(١) الاقناع حاشية البجرمى ج‍ ٤ ص ٩١١.
(٢) نهاية المحتاج وحواشية ج‍ ٧ ص ٢٧٢.
(٣) حاشية الدسوقى على الدردير ج‍ ٤ ص ٢٦٥.
(٤) المرجع السابق ج‍ ٤ ص ٢٥٣.
(٥) الهداية ج‍ ٢ ص ٧٢.
(٦) الدسوقى على الدردير ج‍ ٤ ص ٣٢٠، بلغة السالك ج‍ ٢ ص ٣٩٢.
(٧) المغنى ج‍ ٨ ص ١٥٨.
(٨) المنهاج وحواشيه ج‍ ٧ ص ٤١٣.