للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البيضاوى وذهب جماعة الى العكس وقال قوم أنها مشتركة بين الامرين، وتوقف بعض عن الحكم فى الامر بشئ واختاره الآمدى.

واستدل القائلون بالعموم بأدلة منها جواز الاستثناء من هذه الصيغ مثل قوله تعالى {(إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ ١ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلاّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ)} فقد استثنى من الجمع المضاف (عبادى) ومثل قوله تعالى {(إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي ٢ خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا)} لقد استثنى من اسم الجنس المفرد المحلى بالالف واللام ومثل قوله صلى الله عليه وسلم (لا وصية لوارث ألا أن يجيزها الورثة كما جاء فى بعض الروايات فى الحديث، فقد استثنى من النكرة فى سياق النفى، ومثل كلمة التوحيد (لا اله الا الله) وهكذا بقية الصيغ التى ذكرت يجوز الاستثناء فيها، وقد ذكروا فى وجه الاستدلال بجواز الاستثناء على عموم هذه الصيغ أن الاستثناء معيار العموم وذلك لان حقيقة الاستثناء أخراج ما يجب اندراجه من الافراد تحت لفظ‍ المستثنى منه لولاه أذ لو كان لفظ‍ المستثنى منه غير صالح لاستغراق جميع الافراد من غير حصر، لما كان هناك داع الى اخراج بعض الافراد من الحكم بطريق الاستثناء لانه لم يكن حينئذ يقتضى ثبوت الحكم للجميع فاخراج بعض الأفراد بطريق الاستثناء دليل على أنه كان يشمل جميع الافراد ويقتضى ثبوت الحكم فى الكل لولاه، ومن ثم كان الاستثناء معيار العموم ودليلا عليه (٣).

[الاستثناء من الاثبات نفى ومن النفى اثبات]

أورد بعض الاصوليين هذا الموضوع فى مسألة مستقلة بالعنوان المذكور وحكى الخلاف فيه بين الجمهور من الشافعية والمالكية والحنابلة وبعض الحنفية من جانب وأكثر الحنفية من جانب آخر، أو بين الشافعية والحنفية بصفة عامة وأورد الأدلة والحجج والمناقشة والرد من الجانبين، كما فعل الآمدى فى الاحكام (٤).

وأورده البعض الآخر على أن الخلاف بين الشافعية والحنفية فى كيفية عمل الاستثناء وأن الشافعية يقولون أن الاستثناء يعمل بطريق المعارضة لانه يقتضى ثبوت حكم فى المستثنى يخالف حكم المستثنى منه، ويتعارض فى ذلك صدر الكلام وآخره بالنسبة لما تناوله المستثنى ويبقى الحكم فيما وراء ذلك .. وأن الحنفية يقولون أن الاستثناء يعمل بطريق التغيير وبيان عدم دخول المستثنى فى حكم


(١) الآية رقم ٤٢ من سورة الحجر.
(٢) الآية رقم ٢ من سورة العصر.
(٣) البدخشى ج‍ ٢ ص ٦١، ٧١ الطبعة السابقة والمستصفى للغزالى ج‍ ٢ ص ٣٥ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٤) الاحكام للامدى ج‍ ٢ ص ٤٥١، ٤٥٢ الطبعة السابقة والبيضاوى فى المنهاج - البدخشى ج‍ ١ ص ٩٩، ١٠٠ الطبعة السابقة وصاحب مسلم الثبوت ج‍ ١ ص ٣٣٦ وما بعدها الطبعة السابقة.