للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المستثنى منه، ولا يقتضى ثبوت حكم فى المستثنى لا ينفى ولا باثبات.

ثم أورد هؤلاء موضوع الاستثناء من الاثبات نفى وبالعكس كدليل من جانب الشافعية على أن الاستثناء يقتضى ثبوت حكم فى المستثنى مخالف لحكم المستثنى منه (١).

واختلاف طريقة العرض لا يغير من حقيقة الامر شيئا، وبيان ذلك:

ذهب الجمهور من الشافعية والمالكية والحنابلة وطائفة من الحنفية الى أن الاستثناء من الاثبات نفى ومن النفى اثبات فاذا قلت حضر القوم ألا زيدا، فان صدر الكلام يدل على ثبوت الحضور للقوم، والاستثناء يدل على نفى الحضور عن زيد، واذا قلت ما حضر من القوم الا زيد، فان صدر الكلام يدل على نفى الحضور عن القوم والاستثناء يدل على ثبوت الحضور لزيد وذهب أكثر الحنفية الى أن الاستثناء لا يقتضى ثبوت حكم فى المستثنى أصلا لا نفيا ولا اثباتا بل هو مسكوت عنه لانعدام الدليل الذى يدل على ثبوت حكم فيه كالغاية لا تقتضى نفى الحكم فيما وراءها، واذا انعدم الحكم السابق عليها فيما وراءها فيكون لانعدام الدليل المقتضى لثبوته فيه.

وقد ذكر البعض أن الحنفية لا يخالفون فى أن الاستثناء من الاثبات نفى، وأنما يخالفون فى أن الاستثناء من النفى اثبات فقط‍ وهذا غير صحيح لانهم يخالفون فى الوجهين كليهما (٢).

احتج الجمهور بما يأتى: -

أولا: اجماع أهل اللغة على أن الاستثناء من الاثبات نفى ومن النفى اثبات وهذا اجماع منهم على أن موجب الاستثناء اثبات حكم فى المستثنى يخالف حكم المستثنى منه، وقد جرى علماء المعانى على هذا الاساس حين قرروا أن قول القائل ما زيد ألا قائما يصلح ردا على من زعم أنه ليس بقائم اذ لو لم يكن الكلام مثبتا لحكم فى المستثنى لما صلح ردا، والاتفاق على أنه لو قال: لفلان على عشرة دراهم ألا ثلاثة ألا درهمين، يلزمه تسعة دراهم لان الاستثناء الاول من الاثبات فيكون نفيا فيثبت بمقتضاه سبعة دراهم، والاستثناء الثانى من النفى فيكون اثباتا فيثبت بمقتضاه درهمان، فيكون مجموع الثابت تسعة دراهم، وقد ورد التصريح بالحكم المخالف فى الاستثناء فى قوله تعالى {(فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاّ إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السّاجِدِينَ)} وقوله تعالى {(فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السّاجِدِينَ)} وقوله


(١) أصول البزدوى وكشف الاسرار عليها ج‍ ٣ ص ٨٤١ - ٨٥٠ الطبعة السابقة والتوضيح على التنقيح لصدر الشريعة وحواشيه ج‍ ٢ ص ٢٨٥ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) البدخشى على المنهاج ج‍ ٢ ص ٩٩ وما بعدها الطبعة السابقة ومسلم الثبوت ج‍ ١ ص ٣٢٦ وما بعدها الطبعة السابقة.