للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من تسليم العمل ومعنى استقراره أنه لا ينقضى ويصير حقا تصح المطالبة به بأحد أمور ثلاثة: أحدها تعجيله قبل الوفاء بالعمل فاذا عجل صار حقا للمؤجر مستقرا لا يجوز استرداده ما لم يفسخ العقد من أصله - ثانيها اشتراط‍ تعجيله فاذا اشترط‍ ذلك فى العقد لزم وكان للمؤجر أن يطالب بأدائه، ثالثها تسليم العمل فى الاجارة على الأعمال أو التمكين من الاستيفاء فاذا مكن المستأجر من أن يستوفى المنفعة من دون مانع من الانتفاع استحق المؤجر الأجرة واذا استوفى المستأجر المنفعة فعلا استحق المؤجر الأجرة بالأولى (١) وكما تملك الأجرة بالعقد تملك به المنفعة أيضا عند الزيدية ويجبر الحاكم كلا من العاقدين على الوفاء بما تعاقد عليه لأنه قد لزمه بالعقد.

[مذهب الإمامية]

الاجارة عقد لازم من الطرفين لا يبطل الا بالتقايل أو بأحد الأسباب المستوجبة للفسخ ويملك المستأجر المنفعة المعقود عليها بالعقد ويزول ملك المؤجر عنها ويلزمه الأجر بالتمكن من الانتفاع ولو لم ينتفع. واذا تمت الاجارة بأركانها ملك المستأجر المنافع المعقود عليها الى المدة ويكون حدوثها على ملكه لا على ملك المؤجر ويملك المؤجر الأجرة بمجرد العقد مع الاطلاق أو اشتراط‍ التعجيل ولا يشترط‍ فى ذلك استيفاء المنفعة ولا مضى وقتها سواء أكانت معينة كالثوب أو غير معينة واذا كانت الاجارة على عمل ملك الأجير الأجر بالعقد أيضا وهل يستحق تسلمه قبل أن يسلم العمل؟ فيه نظر فان قلنا بذلك وكان العمل فى ملك الصانع لم يبرأ من العمل ولا يستحق الأجر حتى يسلم العين محل العمل وان كان فى ملك المستأجر استحق الأجر بنفس العمل ولو استؤجر كل يوم بأجر معلوم استحق أجر كل يوم فيه واذا استوفى المستأجر المنفعة استقر الأجر وكذلك اذا سلمت العين الى المستأجر ومضت المدة من غير مانع استقر الأجر وأن لم ينتفع وكذلك اذا استؤجر للعمل ومضت مدة يمكن استيفاؤه فيها مثل أن يستأجر دابة ليركبها الى موضع معين ومضت مدة يمكن ركوبها فيها وكذلك لو بذل المؤجر العين فامتنع المستأجر من أخذها مع امكانه ومضت مدة الاستيفاء، استقرت الأجرة ففى كل ذلك يستقر الأجر (٢).

[مذهب الإباضية]

جاء فى شرح النيل أن عقد الاجارة يفيد مقابلة الأجرة جميعها بالمنفعة المعقود عليها جميعها لا مقابلة جزء من الأجرة بجزء من المنفعة ومن ثم لا يملك المؤجر الأجرة الا بتمام استيفاء المنفعة وعلى الأجير الاتيان بالعمل أول الوقت واذن فلا يجوز أن يتصرف المؤجر فى الأجرة الا بعد تمام استيفاء المنفعة ولا الأجير فى أجرته الا بعد تمام العمل ولا يجوز أن يتصرف كل منهما فى جزء منها مقابل استيفاء جزء من المنفعة فلعل المستأجر لا يصل الى تمام الاستيفاء فكيف يجوز التصرف فى أجرة ما لم يستوف ذلك مقتضى العقد ومن الإباضية من جوز للمؤجر التصرف فى كل الأجرة قبل العمل وعندئذ يجب على المستأجر الاستيفاء وذلك


(١) شرح الأزهار ج‍ ٣ ص ٢٨٧، ٢٨٨.
(٢) تحرير الأحكام ج‍ ٢ ص ٢٥٤، ٢٤٨، ٢٣١.