للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإنكار في الصلح]

[مذهب الحنفية]

جاء في (المبسوط): إذا قُتل الرجل عمدًا فأقام أخوه البينة أنه وارثه لا وارث له غيره، وأقام القاتل البينة أن له ابنًا فإنى لا أعجّل بقتله حتى أنظر فيما جاء به القاتل وأبلو فيه عذرًا لأعلم مصداقه؛ لأن القصاص أمر مستعظم إذا نفذ لا يمكن تداركه، فإن أقام القاتل البينة أن له ابنًا وأنه صالحه على الدية، وأنه قبضها منه درأت القصاص حتى أنظر فيما قال، لأنه ادَّعى الصلح وأقام البينة فتقبل بينته في حق سقوط القصاص، فإن جاء الابن وأنكر الصلح كلفت القاتل إقامة البينة على الصلح. ولا أجيز البينة التي قامت على الأخ؛ لأن الأخ ليس بخصم عن الابن في حق الصلح، فلم تقبل في حق الصلح وقبلت في حق سقوط القصاص (١).

وجاء في بدائع الصنائع: قال أبو حنيفة: أجوز ما يكون الصلح على الإنكار (٢). وجاء في تبيين الحقائق قال أبو منصور الماتريدى: لا يعمل الشيطان في إيقاع العدواة والبغضاء في بنى آدم مثل ما يعمل في إبطال الصلح على الإنكار، وهذا صحيح؛ لأن في منع هذا الصلح فتح باب المنازعات وإثارة الثائرات بين الناس وإقامة الفتنة والمكائد (٣).

[مذهب المالكية]

جاء في (التاج والإكليل): قال ابن القاسم: ومَنْ وجب لك عليه دمٌ عمدًا أو جراحة فيها قصاص فادعيت أنك صالحته على مال فأنكر الصلح فليس لك أن تقتص منه، ولك عليه اليمين أنه ما صالحك (٤).

وجاء في (حاشية الدسوقى): أنه يجوز الصلح على الإنكار بشروط ثلاثة هي:

١ - أن يكون الصلح جائزًا على مقتضى دعوى المدعى.

٢ - أن يكون جائزًا على مقتضى دعوى المدعى عليه.

٣ - أن يكون جائرًا على ظاهر الحكم الشرعى بأن لا تكون هناك تهمة فساد (٥).

وجاء في (المدونة): أنه من ادعى على رجل مائة درهم فصالحه من ذلك على خمسين درهمًا إلى شهر. قال ابن القاسم: فلا بأس بذلك إذا كان الذي عليه الحق مقرًا، وإن صالحه على ثوب أو دنانير إلى سنة فلا يجوز إذا كان الذي عليه الحق مقرًا بما عليه، لأنه نسخ دين بدين، فأما إذا صالحه من مائة درهم على خمسين درهمًا إلى أجل فهذا رجل حطَّ خمسين درهمًا من حقه وأخره بخمسين، فإن كان المدعَى عليه ينكر والمسألة بحالها. قال ابن القاسم: لم أسمع من مالك في الإنكار شيئًا إلا أنه مثل الإقرار (٦).

[مذهب الشافعية]

جاء في (الأم): لو ادَّعى رجلٌ على رجلٍ حقًّا


(١) المبسوط: ٢٦/ ١٧٦.
(٢) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع: ٦/ ٤٠.
(٣) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق: ٥/ ٣١.
(٤) التاج والإكليل: ٧/ ٣٠٩.
(٥) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير: ٣/ ٣١٢.
(٦) المدونة الكبرى: ١١/ ٦ - ٧.