للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى قناطر الخيرات ان المائعات كلها طاهرة الا البول والخمر وكل نبيذ مسكر (١).

[عدم تقوم الخمر وما يترتب عليه]

[مذهب الحنفية]

يقول العلامة ابن عابدين: «وسقط‍ تقومها أى الخمر فى حق المسلم، لأن الله لما نجسها فقد أهانها والتقوم يشعر بعزتها.

ولكن لا تسقط‍ ماليتها فى الأصح، لأن المال ما يميل اليه الطبع ويجرى فيه البذل والمنع فتكون مالا لكنها غير مقومة فى حق المسلم.

وأما الذمى فهى متقومة فى حقه كالخنزير حتى صح بيعه لهما.

ولو أتلفهما له غير الامام ومأموره ضمن قيمتهما (٢). (انظر اتلاف).

ومما يترتب على عدم تقومها فى حق المسلم أنه لا يجوز بيعها بين المسلمين، ولا أكل ثمنها، لأن الله تعالى سماها رجسا وأمر بالاجتناب عنها فاقتضى ذلك أنه لا يجوز للمسلم الاقتراب منها على جهة التمول بحال.

وسئل ابن عمر رضى الله عنه عن بيع الخمر وأكل ثمنها فقال: قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فحملوها وباعوها وأكلوا ثمنها وان الذى حرم شربها حرم بيعها وأكل ثمنها. وممن لعنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بائعها:

ومشتريها.

وان كان لرجل دين على رجل فقضاه من ثمن خمر لم يحل له أن يأخذه الا أن يكون الذى عليه الدين كافرا فلا بأس حينئذ أن يأخذها منه، لأنها مال متقوم فى حق الكافر، فيجوز بيعه ويستحق البائع ثمنه ثم المسلم يأخذ ملك مديونه بسبب صحيح، وما يأخذه عوض عن دينه فى حقه لا ثمن الخمر.

وأما بيع الخمر من المسلم فباطل والثمن غير مستحق له وهو واجب الرد على من أخذه منه، وصاحب الدين ليس له أخذ ملك مديونه بل ملك الغير الحاصل عنده بسبب فاسد شرعا فيكون هو بهذا الأخذ مقررا الحرمة والفساد وذلك لا يحل.

ولا بأس ببيع العصير ممن يتخذه خمرا، لأن العصير مشروب طاهر حلال فيجوز بيعه وأكل ثمنه ولا فساد فى قصد البائع، انما الفساد فى قصد المشترى ولا تزر وازرة وزر أخرى، ألا ترى أن بيع الكرم ممن يتخذ الخمر


(١) قنائير الخيرات لابن موسى الجيطالى النفوسى ج ١ ص ٤٠٧ الطبعة السابقة.
(٢) حاشية ابن عابدين على الدر المختار ج ٥ ص ٣٩٧ الطبعة السابقة.