للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن خيران جوابه فى كل واحدة من المسألتين الى الاخرى وجعلهما على قولين:

أحدهما: تطلق لانه علق الطلاق على صفة مستحيلة فألغيت الصفة ووقع الطلاق كما لو قال لمن لا سنة ولا بدعة فى طلاقها:

أنت طالق للسنة أو للبدعة.

والثانى: لا تطلق لانه علق الطلاق على شرط‍ ولم يوجد فلم يقع، وقال أكثر أصحابنا:

اذا قال: أنت طالق فى الشهر الماضى طلقت، وان قال ان طرت أو صعدت السماء فأنت طالق لم تطلق قولا واحدا، وما قاله الربيع من تخريجه، والفرق بينهما أن الطيران وصعود السماء لا يستحيل فى قدرة الله عز وجل وقد جعل لجعفر بن أبى طالب رضى الله عنه جناحان يطير بهما، وقد أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم، وايقاع الطلاق فى زمان ماض مستحيل، ثم قال صاحب المهذب (١) وان علق الايلاء على شرط‍ يستحيل وجوده بأن يقول: والله لاوطئتك حتى تصعدى الى السماء أو تصافحى الثريا فهو مولى لأن معناه لاوطئتك أبدا.

[مذهب الحنابلة]

قال صاحب كشاف القناع: وان حلف على فعل مستحيل لذاته أو مستحيل لغيره كأن قال والله لأصعدن السماء أو قال والله ان لم أصعد السماء أو قال والله لأشربن ماء الكوز ولا ماء فيه علم أن فيه ماء أو لا أو قال والله ان لم أشربه أو قال والله لأقتلن زيدا مثلا فاذا هو ميت علمه ميتا أو لم يعلمه ونحو ذلك انعقدت يمينه لأنها يمين على مستقبل وعليه الكفارة فى الحال لأنه مأيوس منه وكذا ان قال والله ان طرت أو قال والله لا طرت أو قال والله ان صعدت السماء أو قال والله لاصعدت السماء أو قال والله ان شاء الميت أو قال والله لا شاء الميت أو قال والله ان قلبت الحجر ذهبا أو قال والله لا قلبت الحجر ذهبا أو قال والله ان جمعت بين الضدين أو النقيضين أو قال والله لا جمعت بين الضدين أو النقيضين أو قال والله ان رددت أمس أو قال والله لا رددت أمس أو قال والله ان شربت ماء الكوز ولا ماء فيه أو قال والله لا شربت ماء الكوز ولا ماء فيه أو نحو ذلك من المستحيلات (٢).

وفصل صاحب المغنى (٣) بين المستحيل عادة والمستحيل عقلا فمن حلف على فعل شئ مستحيل عادة كصعود السماء والطيران انعقدت يمينه وهو رأى القاضى وأبى الخطاب لأنه يتصور وجوده ولزمته الكفارة فى الحال، وأما المستحيل عقلا كرد أمس فقال أبو الخطاب لا تنعقد يمينه ولا تجب بها كفارة وقال القاضى انها تنعقد موجبة للكفارة فى الحال لأنه حلف على فعل نفسه فى المستقبل ولم يفعل كما لو حلف ليطلقن امرأته فماتت


(١) المرجع السابق ح‍ ٢ ص ١٠٧.
(٢) كشاف القناع وبهامشه منتهى الارادات ح‍ ٤ ص ١٣٩ الطبعة السابقة.
(٣) المغنى لابن قدامة المقدسى على الشرح الكبير ح‍ ١١ ص ٢٤٦ وص ٢٤٧ الطبعة السابقة