للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الأسباب فيما يجب فيه وفيما يلى بيان ذلك.

١ - اذا سقط‍ القصاص بسبب عدم المماثلة بين الجانى والمجنى عليه وبين عضو المجنى عليه وما يقابله من أعضاء الجانى فيما اذا كانت الجناية على عضو من الأعضاء وذلك محل اتفاق المذاهب لأن المماثلة شرط‍ فى وجوب القصاص فى جميع المذاهب لم يخالف فى ذلك أحد وانما اختلفوا فيما تفوت به المماثلة وذلك ما ينظر فى مصطلح قصاص (١)، واذا ما سقط‍ القصاص وجب الأرش أو الدية تجنبا لأهدار الجناية.

أما المماثلة بين الجانى والمجنى عليه أو بيان تحققها وعدمه فى مختلف المذاهب فينظر فى مصطلح قصاص فاذا كانت غير متحققة فى مذهب من المذاهب امتنع القصاص ووجب ما أوجبه الشارع من مال وفى بيان ذلك المال فى المذاهب المختلفة ينظر فى مصطلح دية.

وأما عدم المماثلة فى الأعضاء كأن يكون أحد العضوين صحيحا والأخر معيبا وفى حكم ذلك اختلفت المذاهب.

[مذهب الحنفية]

ذهب الحنفية الى أن عضو الجانى اذا كان صحيحا والعضو المجنى عليه معيبا لم يجب القصاص وسقط‍ لعدم المماثلة بين العضوين والقصاص لا يكون الا عند المماثلة كما ينبى معناه عن ذلك واذا امتنع القصاص بينهما وجبت دية العضو المجنى عليه ولكن اذا كان عضو الجانى معيبا والعضو المجنى عليه صحيحا بان قطعت يد صحيحة بجناية ذى يد شلاء أو ناقصة الأصابع فالمجنى عليه بالخيار ان شاء رضى بقطع يد الجانى المعيبة ولا شئ له بعد ذلك لرضاه بذلك وان شاء أخذ أرش اليد كاملا وهو نصف دية النفس وذلك لأن استيفاء الحق كاملا متعذر فكان له أن يتجوز ويرضى بما هو دون حقه وله ان يعدل الى العوض كالمثلى اذا انعدم عن أيدى الناس بعد اتلافه كان الواجب فيه قيمته كاملة ثم اذا استوفى حقه بالقطع لم يكن له طلب سواه لرضاه بذلك وسقوط‍ ما عداه كافى الرضا بالردى بدلا عن الجيد (٢) والى هذا ذهب الحنابلة ومما يندرج تحت هذا الضابط‍ عند الحنفية سقوط‍ القصاص بين الرجل والمرأة فيما دون النفس وبين الحر والعبد وبين العبدين ذلك لأن الأطراف يسلك بها مسلك الاموال فيقدم التماثل بينها بتفاوتها فى القيمة وذلك أمر ثابت بصنع الشارع فانه قد قوم يد الحر


(١) الهداية ح‍ ٨ ص ٢٦٧ وما بعدها والشرح الكبير للدردير ح‍ ٤ ص ٢٥ ونهاية المحتاج ح‍ ٤ ص ٢٥٥ وكشاف القناع ح‍ ٣ ص ٣٤٧ وتحرير الاحكام ح‍ ٢ ص ٢٤٤ وما بعدها والنيل ح‍ ٨ ص ٢٠٧ وما بعدها.
(٢) الهداية، ح‍ ٨ ص ٢٧٣.