للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: تمتع الناس بالعمرة الى الحج، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قال للناس: «من كان معه هدى فانه لا يحل من شئ حرم منه حتى يقضى حجه، ومن لم يكن أهدى فليطف بالبيت والصفا والمروة، وليقصر وليتحلل» … متفق عليه، والهدى اما أن يكون لمتعة أو قران أو احصار أو جزاء صيد أو كفارة جناية أخرى (١).

وتفصيل القول فى هذا الموضوع بالنسبة للمذاهب الثمانية يراجع فى مصطلحات «هدى، قران تمتع، احصار جزاء صيد، كفارة».

[الاحرام عن الغير]

[مذهب الحنفية]

قال الحنفية: اذا أهل الرجل عن ولده الصغير الذى معه لا يجب عليه من جهة اهلاله عن ابنه شئ لأن عبارته فى اهلاله عن ابنه كعبارة ابنه، فيصير الابن محرما بهذا لا أن يصير الأب محرما عنه.

واذا أم الرجل البيت فأغمى عليه، فأهل عنه أصحابه بالحج ووقفوا به فى المواقف وقضوا له النسك كله يجزيه ذلك عن حجة الاسلام فى قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى.

وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله:

لا يجزئه. والقياس قولهما، لأنه لم يأمر أصحابه بالاحرام عنه، وليس للأصحاب عليه ولاية، فلا يصير هو محرما باحرامهم عنه، لأن عقد الاحرام عقد لازم، والزام العقد على الغير لا يكون الا بولاية، ولأن الاحرام لا ينعقد الا بالنية، وقد انعدمت النية من المغمى عليه حقيقة وحكما، لأن نية الغير عنه بدون أمره لا تقوم مقام نيته، والدليل عليه أن سائر المناسك لا تتأدى بأداء الأصحاب عنه، فكذلك الاحرام وجه قول أبى حنيفة رحمه الله، وهو أنه لما عاقدهم عقد الرفقة، فقد استعان بهم فى كل ما يعجز عن مباشرته بنفسه والاذن دلالة بمنزلة الاذن افصاحا، واذا ثبت الاذن قامت نيتهم مقام نيته كما لو كان أمرهم بذلك نصا، ومن أصحابنا من فرق، فقال الاحرام بمنزلة الشرط‍ فتجزئ النيابة فى الشروط‍، وان كان لا تجزئ فى الأعمال، فان أصاب الذى أهل عن المغمى عليه صيدا فعليه الجزاء من قبل اهلاله عن نفسه، وان كان محرما وليس عليه من جهة اهلاله عن المغمى عليه شئ (٢).

[مذهب المالكية]

سئل ابن القاسم من المالكية عمن أغمى عليه قبل أن يأتى عرفة فوقف به بعرفة وهو مغمى عليه حتى دفعوا (أى أفاضوا) من عرفات، وهو بحاله مغمى عليه، فقال:

قال لى مالك: ذلك يجزئه. فسئل ان أتى الميقات وهو مغمى عليه فأحرم عنه أصحابه أيجزئه.


(١) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعى ج‍ ٢ ص ٤٥، ص ٨٩ الطبعة السابقة.
(٢) كتاب المبسوط‍ لشمس الدين السرخسى ج‍ ٤ ص ١٦٠، ص ١٦١ طبع مطبعة السعادة بمصر الطبعة الاولى سنة ١٣٢٤ هـ‍ طبع الساسى