للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وان عين له نوعا من المال يتجر فيه لم يكن له التجارة فى غيره، وليس للمأذون فى التجارة أن يؤجر نفسه، واذا رأى السيد عبده يتجر فلم ينهه لا يعتبر مأذونا له، لأنه تصرف يقتصر الى الأذن فلا يقوم السكوت مقام الأذن كما لا يجوز له التبرع بهبة الدراهم ولا كسوة الثياب وتجوز هبته للمأكول واعارة الدابة (١). وما يكتسبه العبد بناء على اذن سيده ملكا لسيده لأن السيد وما بيده ملك لسيده (٢).

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى (٣) ما يفيد أنه يجوز أن يبيع العبد ويبتاع بغير اذن سيده ما لم ينتزع سيده منه ماله فان انتزعه فهو مال السيد فلا يحل للعبد التصرف فيه، وحجتهم فى الجواز قوله تعالى «وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ» فلم يخص حرا من عبد فلو كان بيع العبد بغير اذن سيده حراما لفصله عز وجل، وحيث لم يفصل جل شأنه فصح أنه حلال غير حرام، وأما انتزاع السيد مال العبد فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه أعطى الحجام - وهو رقيق - أجره وسأل عن ضريبته فأمر مواليه أن يخففوا عنه منها فصح أن العبد يملك لأنه عليه الصلاة والسّلام أعطاه أجره كما صح للسيد أخذه لأنه عليه الصلاة والسّلام أمر أن يخفف عنه من خراجه فصح أن مال العبد له ما لم ينتزعه سيده وصح أن للسيد أخذ كسب عبده لنفسه.

[مذهب الزيدية]

يرى الزيدية أن ما يكتسبه العبد قبل عتقه يكون لسيده (٤).

[مذهب الأمامية]

ويقول الإمامية (٥) لو كان للرقيق كسب جاز للمولى أن يجعله اليه فان كفاه الكسب بجميع ما يحتاج اليه من نفقة وغيرها اقتصر عليه وان لم يكفه أتم له سيده قدر كفايته ويفرق فى الرقيق بين القن والمدبر.

[مذهب الإباضية]

يقول الإباضية أن من أذن لعبده فى الاتجار فى سلعة أو صنعة معروفة فمأذون له فى الكل يتجر فى جميع السلع ويصنع الصنائع كلها ويعامل بالبيع والشراء كذا لو أذن له فى نوع من المعاملات كالسلم فله الكل، ووجه ذلك أن الأذن فى الواحدة اذن فى الكل، وأما


(١) المغنى والشرح الكبير ج‍ ٥ ص ١٩٩ وما بعدها.
(٢) كشاف القناع ص ٢٣٠ باب الحجر.
(٣) المحلى لابن حزم الظاهرى ج‍ ٩ ص ١٢، ١٣.
(٤) شرح الأزهار ج‍ ٣ ص ٥٦٤ وما بعدها.
(٥) الروضة البهية ج‍ ٢ ص ١٤٣.