للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكان شرطا لا يمكن مراعاته فيلغو (١).

ولا يجوز للمودع "بفتح الدال" أن يمسك الوديعة ويحبسها عن صاحبها في مقابل دين له عليه؛ فإن أمسكها لذلك ضمنها إن هلكت (٢).

وكذلك لا يجوز له إمساكها عن صاحبها بعد طلبها فإن أمسكها بعده فضاعت ضمن (٣).

أما إذا أمسك المودع الوديعة بعد مضى المدة المحددة لها في عقد الإيداع فلا يضمن لأن الإمساك في الوديعة لمصلحة الملك. سواء كان قبل مضى الوقت المحدد أم بعده لأنه بعد مضى الوقت بنى على القبض السابق وهو كان لمصلحة المالك؛ بخلاف العارية كما سيأتي ولأن مؤنة رد الوديعة على المالك فالتقصير منه (٤).

وإن غاب رب الوديعة ولا يدرى أحى هو أو ميت فلا يؤثر هذا في إمساك المودع للوديعة بل يظل ممسكًا لها. وإن أنفق عليها خلال إمساكه لها بدون أمر القاضي فهو متطوع. ويسأله القاضي البينة على كونها وديعة عنده وعلى كون المالك غائبا؛ فإن برهن على ذلك فلو كانت الوديعة مما يؤجر وينفق عليها من غلتها أمره به. وإلا يأمره بالإنفاق يوما أو يومين أو ثلاثة رجاء أن يحضر المالك لا أكثر. فإن لم يحضر أمره بالبيع وإمساك الثمن لحين حضور مالكها وإن أمره بالبيع ابتداء فلصاحبها الرجوع عليه به إذا حضر. ولو اجتمع عنده خلال إمساكه لها من ألبانها مثلًا شيء كثير أو كانت أرضا فأثمرت وخاف فساده فباعه بلا أمر القاضي فلو في المصر أو موضع يتوصل إلى القاضي قبل أن يفسد ذلك ضمن (٥).

[إمساك اللقطة]

وللملتقط إمساك اللقطة وحبسها عن صاحبها ليستوفى النفقة التي أنفقها عليها بأمر القاضي، لأنها ظلت حية فصار كأنه استفاد الملك من جهته فأشبه إمساك المبيع لاستيفاء الثمن فإن لم يعطه باعها القاضي وأعطى الملتقط نفقته ورد على صاحبها الباقى. فإن ملكت اللقطة بعد إمساك الملتقط وحبسه لها عن صاحبها لم يضمن وسقطت النفقة لأنها تصير بالحبس كالرهن من حيث تعلق حقه به. ذكر هذا صاحب الكافى تبعا لصاحب الهداية ولم يحك فيه خلافا فيفهم أنه المذهب، وجعله القدورى قول زفر، قال في التقريب "قال أصحابنا لو أنفق على اللقطة بأمر القاضي وحبسها بالنفقة فهلكت لم تسقط النفقة خلافا لزفر، لأنها دين غير بدل عن عين ولا عن عمل منه فيها، ولا يتناولها أي العين. عقد يوجب الضمان، أي أن الدين ثابت وليست العين الملتقطة رهنا ليسقط الدين بهلاكها إذ لم يتناولها عقد رهن. وصرح في الينابيع بعدم سقوط النفقة عند الأئمة الثلاثة أبى حنيفة وأبى يوسف ومحمد خلافا لزفر.


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ٦ ص ٢٠٩ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج ٤ ص ٢٠٤.
(٣) المرجع السابق ج ٦ ص ٢١٠.
(٤) حاشية قرة عيون الأخبار تكملة رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين جـ ٨ ص ٤٠٠ الطبعة السابقة.
وانظر أيضا جامع الفصولين السابق ج ٢ ص ١٥٨.
(٥) حاشية قرة عيون الأخبار السابق جـ ٨ ص ٢٧١.