للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويحد باقراره (١) وبشهادة رجلين أو علم السيد دون غيره .. لا بريح خمر وهيئة سكر وقئ لاحتمال انه احتقن أو اسعط‍ بها أو انه شربها بعذر من غلط‍ أو اكراه .. واما حد عثمان رضى الله عنه بالقئ فهو اجتهاد له .. ويكفى فى اقرار وشهادة شرب خمر أو شرب مما شرب منه غيره فسكر وسواء أقال وهو مختار عالم أم لا كما فى نحو بيع وطلاق اذ الأصل عدم الاكراه والغالب من حال الشارب علمه بما يشربه. وقيل يشترط‍ فى كل من المقر والشاهد أن يقول: شربها وهو عالم به مختار لاحتمال الجهل والاكراه كالشهادة بالزنا اذ العقوبة لا تثبت الا بيقين … وفرق الاول بأن الزنا قد يطلق على مقدماته كما فى الخبر على انهم سامحوا فى الخمر لسهولة حدها مالم يسامحوا فى غيرها لا سيما مع ان الابثلاء بكثرة شربها يقتضى التوسع فى سبب الزجر فيها فوسع فيه ما لم يوسع فى غيره ويعتبر على الثانى زيادة من غير ضرورة احترازا من الاساءة والشرب لنمو عطش أو تداو ولا يحد حال سكره أى لا يجوز ذلك لفوات مقصوده من الزجر مع فوات رجوعه ان كان اقر. فان حد ولم يصر ملقى لا حركة فيه اعتد به كما صححه جمع.

[الاقرار بالسرقة]

نثبت السرقة (٢) بيمين المدعى المردودة فيقطع السارق فى الاصح لانها اقرار حكما وهذا ما ذكراه هنا. لكنهما جزما فى الدعاوى من الروضة واصلها بعدم القطع بها. لأنه حق الله تعالى وهو لا يثبت بها .. واعتمده البلقينى واحتج له بنص الشافعى .. وقال الأذرعى وغيره: انه المذهب. وهو المعتمد.

وحمل بعضهم الكلام هنا على ثبوتها بالنسبة للمال وهم .. اذ ثبوته لا خلاف فيه

وبأقرار السارق بعد دعوى ان فصله بما يأتى فى الشهادة بها ولو لم يتكرر اقراره بل اقتصر على مرة واحدة كسائر الحقوق ..

وما بحثه الأذرعى من قبول الاطلاق من مقر فقيه موافق للقاضى فى مذهبه غير ظاهر اذ كثير من مسائل الشبهة والحرز وقع فيه خلاف بين الائمة فى المذهب الواحد ..

فالاوجه اشتراط‍ التفصيل مطلقا كنظيره فى الزنا .. اما اقراره قبل تقدم دعوى فلا يقطع به السارق حتى يدعى المال ويثبت اخذا من قولهم: لو شهدا بسرقة مال غائب أو حاضر حسبة مثلا فلا قطع على السارق حتى يدعى المالك بماله ثم تعاد الشهادة لثبوت المال لأنه لا يثبت بشهادة الحسبة لا القطع فأنه يثبت بشهادة الحسبة لأنه حق الله تعالى. وانما ينتظر لتوقع ظهور مسقط‍ مذهبه .. والمذهب يقوى رجوعه عن الاقرار بالسرقة كالزنا لكن بالنسبة للقطع دون المال لأن القطع حق الله ويسقط‍ بالشبهة. اما المال فأنه حق العبد ولا يسقط‍ بالشبهة. الطريق الثانى القطع بقبول رجوعه بالنسبة للقطع فلا يقطع وفى الغرم بالنسبة للمال قولان أظهرها وجوبه .. وفى طريق ثالث القطع بوجوب الغرم ايضا .. ومن اقر بعقوبة الله تعالى أى بموجبها كزنا وسرقة وشرب سكر ولو بعد دعوى. فالصحيح ان للقاضى أى يجوز له كما فى الروضة .. لكن فى شرح مسلم اشارة الى نقل الاجماع على


(١) نهاية المحتاج ج‍ ٨ ص ١٤.
(٢) نهاية المحتاج ج‍ ٧ ص ٤٤٠، ٤٤٢.