للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمتبوع واحدًا ليسهل عليه أخذ الجزية ويستوفى ما لزم التابع في بقية العام الذي اتفق الكمال في أثنائه إن رضى البائع بذلك أو يؤخره إلى الحول الثاني، فيأخذ مع جزية المتبوع في آخره؛ لئلا تختلف أواخر الأحوال، وإن شاء أفردهما بحول، فيأخذ ما لزم كلا منهما عند تمام حوله.

ولا يرث المسلم من الكافر ولا الكافر من المسلم أصليًا كان أو مرتدًا لما روى أسامة بن زيد - رضى الله عنهما - أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قال: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم" (١)، ويرث الذمى من الذمى وإن اختلفت أديانهم كاليهودى من النصرانى والنصرانى من المجوسى لأنه حُقن ذمهم بسبب واحد؛ فورث بعضهم من بعض كالمسلمين، ولا يرث الحربي من الذمى ولا الذمى من الحربي؛ لأن الموالاة انقطعت بينهما فلم يرث أحدهما من الآخر كالمسلم من الكافر (٢).

[مذهب الحنابلة]

[أولا: الميراث]

جاء في (المغنى مع الشرح الكبير) (٣): أجمع أهل العلم على أن الكافر لا يرث المسلم وقال جمهور الصحابة والفقهاء: لا يرث المسلم الكافر. يُروى هذا عن أبى بكر وعمر وعثمان لما روى عن أسامة بن زيد عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر" وروى أبو داود بإسناده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا يتوارث أهل ملتين شتى" (٤)؛ ولأن الولاية منقطعة بين المسلم والكافر فلم يرثه كما لايرث الكافر المسلم.

ثانيًا: انقطاع التبعية بالنسبة للطفل لأبويه:

جاء في (المغنى مع الشرح الكبير) (٥): إذا سُبي من لم يبلغ من أولاد الكفار صار رقيقًا ولا يخلو من ثلاثة أحوال ما الحالان الآخران؟!

أحدهما: أن يُسبى منفردًا عن أبويه فهذا يصير مسلمًا إجماعًا؛ لأن الدين إنما يثبت له تبعًا وقد انقطعت تبعيته لأبويه؛ لانقطاعه عنهما وإخراجه عن دارهما ومصيره إلى دار الإسلام تبعًا لسابيه المسلم فكان تابعًا له في دينه؛ ثم قال: وإذا أسلم الحربي في دار الحرب حقن ماله ودمه وأولاده الصغار من السبي، وإن دخل دار الإسلام فأسلم وله أولاده صغار في دار الحرب صاروا مسلمين ولم يجز سبيهم؛ لأن أولاده أولاد مسلم فوجب أن يتبعوه في دار الإسلام كما لو كانوا معه في الدار، ولأن مَالَهُ مال مسلم فلا يجوز اغتنامه كما لو كان في دار الإسلام وبذلك يفارق مال الحربي وأولاده.

الثاني: أن يسبي مع أحد أبويه؛ فإنه يحكم بإسلامه أيضًا.

الثالث: أن يسبي مع أبويه؛ فإنه يكون على دينهما.


(١) صحيح البخاري، كتاب الفرائض، باب لا يرث المسلم الكافر .. إلخ. وصحيح مسلم. كتاب الفرائض. الباب الأول.
(٢) مغنى المحتاج: ٤/ ٢٢٦، ٢٢٧.
(٣) المغني والشرح الكبير: ٧/ ١٦٥، ١٦٦.
(٤) الحديث بهذا اللفظ في سنن أبى داود؛ كتاب الفرائض. باب هل يرث السلم الكافر.
(٥) المغني والشرح الكبير: ١٠/ ٤٧٢، ٤٧٥.