للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا الشاهد لأنهم يثبتون بشهادتهم معه ملكا لغيرهم. ومن ادعى انه اشترى من المفلس المحجور عليه قبل الحجر أو ان المفلس قضاه دينه قبل الحجر وانكر الدائنون ذلك فانه يلزم المشترى والمستوفى دينه اقامة البينة على ذلك، لأن ظاهر الحال يشهد بالمنع ولئلا يؤدى ذلك الى عدم تأثير الحجر لو قلنا بغير ذلك الاحتمال. ولا يجب الحج على المفلس المحجور عليه، لأنه ممنوع من الانتفاع بماله فاشبه مال الغير. ولا يجوز له ان يكفر بالصوم اذا حنث فى يمينه بعد الحجر، لأن المال باق على ملكه ويتوقع فك الحجر عنه بأى وجه من الوجوه لأن المانع شرعى أما ان كان الحنث متقدما على الحجر فان الكفارة تشارك الدين. ويجوز للمفلس حتى ولو كان محجورا عليه حجرا عاما ان يتصرف فى ماله بدفع زكاته لأنها فى عين المال. بخلاف زكاة الفطر، لأنها تكون دينا فى الذمة (١).

[مذهب الإمامية]

يمنع المفلس المحجور عليه من كل تصرف مبتدأ فى أعيان أمواله اذا كان هذا التصرف يضر بحقوق الدائنين فلو صادف تصرفه عين ماله فى الحال بالاتلاف بمعاوضة كالبيع والاجارة، أو بغير معاوضة كالهبة والوقف أو بالمنع من الانتفاع كالرهن فانه يبطل سواء كان العوض مثل المعوض أو أزيد أو اقل لأنه ممنوع على وجه سلبت أهليته فيه فكانت عبارته كعبارة الصبى فلا يصح تصرفه حتى وان لحقته الاجازة، وهذا هو المناسب للحجر،

فان معنى قول القاضى حجرت عليك منعتك من التصرف ومعناه تعذر وقوع هذه العقود منه.

وقيل: يحتمل ان يكون تصرفه هذا موقوفا والوجه فيه انه لا يقل عن التصرف فى مال الغير كالفضولى وحينئذ فلا ينافيه منعه من التصرف المنافى لحق الدائنين فعلى هذا اذا اجازه الدائنون جميعا نفذ وان لم يجيزوه أخر الى ان يقسم ماله بين دائنيه الذين حجر عليهم لاجلهم. وان كان مورد المصرف بالامس الذمة لا عين المال - فانه يصح كما لو اشترى بثمن فى ذمته أو باع سلما أو قترض، وليس للبائع الفسخ وان كان جاهلا لأنه فرط‍ بأقدامه على معاملة من لم يعلم حاله فكان كما بعسره ويسره. وقيل:

يشارك الدائنين وقيل: يكون له حق الفسخ ويختص بعين ماله. وقيل: يصبر، اما العالم بأفلاسه فانه يصبر ولا يشارك الدائنين اجماعا. وكذلك لا يمنع المفلس من التصرفات التى تصادف ماله بالاتلاف بعد موته كالوصية لأنها تخرج من الثلث بعد وفاء الدين وعبارة المفلس معتبرة فيما لا يكون مصادفا للمال وقت الحجر، فتصرفه فى ذلك ونحوه جائز اذ لا ضرر على الدائنين فيه. وكذلك لا يمنع من التصرفات التى تصادف المال بالتحصيل كالاحتطاب والاتهاب وقبول الوصية لان فى ذلك كله جلب المال للدائنين فكيف يمنع منه؟ ولا يمنع المفلس ايضا من التصرفات التى لا تصادف المال كالنكاح والطلاق واستيفاء القصاص والعفو عنه.

واستلحاق النسب ونفيه والخلع واللعان اما النكاح فلان الصداق اذا كان فى الذمة فلم يصادف التصرف المال الموجود عند الحجر، وأما مؤنة النكاح فسيأتى بيانها فى الانفاق على المفلس، وأما الطلاق واستيفاء القصاص وكذلك استلحاق النسب فلانه ليس تصرفا فى المال وان وجبت المؤنة ضمنا. وكذلك الخلع لأنه اذا صح له الطلاق مجانا كانت صحة الخلع الذى هو فى الحقيقة طلاق بعوض أولى بالجواز. وهذا اذا كان المفلس المحجور عليه رجلا. اما اذا افلست المرأة وحجر عليها فانها.

تمنع من مخالعة زوجها على عوض. ولو وهب المديون بشرط‍ العوض ثم أفلس لم يكن له اسقاط‍ العوض عن الموهوب له لأنه مال ثبت له فلا يكون له اسقاطه لأنه تصرف فى المال بالاسقاط‍ فيكون ممنوعا منه. فان كان العوض غير معين فلا يجوز للمفلس ان يأحذ عوضا اقل من قيمة الموهوب.

وقيل: يأخذ ما جرت العادة ان يعوض بمثله فليس


(١) شرح الازهار ج ٤ ص ٢٨٥ - ٢٨٦، ٢٩٠ الطبعة السابقة، التاج المذهب ج ٤ ص ١٦١، ١٦٣، ١٦٧ الطبعة السابقة، البحر الزخار ج ٥ ص ٩٠ - ٩١ الطبعة السابقة.