للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الحاكم الشهيد تأويله اذا أعادها قبل التحول فأما بعد التحول فلا يبرأ عن الضمان واليه مال أبو جعفر وهذا اذا أخذ اللقطة ليعرفها فان كان أخذها ليأكلها ثم أعادها لا يبرأ عن الضمان ما لم يردها الى صاحبها.

وقال الولوالجى: واذا أخذ اللقطة ليعرفها ثم أعادها الى المكان الذى وجدها فيه فقد برئ عن الضمان، هذا اذا أعادها قبل أن يتحول عن ذلك المكان، أما اذا أعادها بعد أن تحول ضمن، لأنه لما أعادها قبل التحول فقد ترك الحفظ‍ قبل أن يلتزم لأن الأخذ متردد بين أن يكون لالتزام الحفظ‍ وبين أن يكون للنظر والتأمل حتى يعلم أنه هل يمكنه الحفظ‍ فكان الآخذ مترددا فلا يصير ملتزما للحفظ‍ بنقض الأخذ، فاذا أعادها بعد ما صار تاركا للحفظ‍ قبل أن يلتزمه فلا يكون عليه ضمان.

فأما اذا تحول بها فانما يتحول بها ليحفظها، لا ليتأمل، لأن هذا المعنى يحصل بنفس الأخذ من غير مشى فكان المشى دليلا على التزام الحفظ‍ فاذا أعادها فقد ترك الحفظ‍ بعد التزامه فيضمن.

هذا اذا أخذ اللقطة ليعرفها.

فان أخذها ليأكلها لم يبرأ عن ضمانها حتى يدفعها الى صاحبها لأنه لما أخذها ليأكلها صار آخذا لنفسه فصار غاصبا والغاصب لا يبرأ برد الدابة المغصوبة الى دار المغصوب منه والى مربطه وان ردها الى موضع صالح للحفظ‍ فلأن لا يبرأ هنا وقد رد الى مكان لا يصلح للحفظ‍ أولى (١).

[مذهب المالكية]

قال الامام مالك: اذا التقط‍ العبد اللقطة فاستهلكها قبل السنة فهى فى رقبته لا فى ذمته، فان استهلكها بعد السنة فهى فى ذمته وذلك لما جاء فيها من الاختلاف، ولأنه قد جاء فيها أن عليه أن يعرفها سنة فان لم يجئ صاحبها فشأنه بها فلذلك جعلها فى ذمته بعد السنة (٢).

وجاء فى شرح الخرشى أنه يجب تعريف اللقطة سنة من يوم الالتقاط‍ فلو أخر تعريفها سنة ثم عرفها فهلكت ضمنها.

وقال الشيخ العدوى فى حاشيته أن الملتقط‍ يضمن اللقطة متى أخر تعريفها ولو أقل من سنة وتلفت كما ذكره ابن عبد السّلام. واذا دفعها لمن يثق بأمانته مثل نفسه وضاعت منه فانه لا ضمان عليه (٣).

وجاء فى شرح الخرشى أن الملتقط‍ ان كان قد نوى أن يأكل اللقطة لما رآها وقبل أن يضع يده عليها ولكنه لما وضع يده


(١) حاشية الشيخ شهاب الدين أحمد الشلبى على تبيين الحقائق للزيلعى ج ٣ ص ٣٠٢، ٣٠٣ الطبعة الاولى طبع المطبعة الأميرية الكبرى ببولاق مصر سنة ١٣١٣ هـ‍.
(٢) المدونة ج ١٥ ص ١٧٣ الطبعة الاولى.
(٣) شرح الخرشى على المختصر الجليل فى كتاب على هامشه حاشية الشيخ على العدوى ج ٧ ص ١٢٤، ص ١٢٥ الطبعة الثانية طبع المطبعة الكبرى الاميرية سنة ١٣١٧ هـ‍.