للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظهر دين هذا الدائن بالبينة أو علم القاضى أو اقرار الدائنين أو نكولهم أوردهم اليمين. أما ان ظهر باقرار المديون المفلس أو نكوله أو رده اليمين فانه يكون فى ذمته. ولا يشارك صاحب هذا الدين غيره من الدائنين فيما أخذوه من مال المفلس ولا يسترد له القاضى شيئا منهم. وقيل: ان نكول المفلس يعتبر كالبينة فيترتب عليه حكمها المفصل سابقا. هذا وأما الدين اللازم ذمة المفلس بعد الحجر عليه فلا يدخل ضمن المال المحجور حتى ولو كان لزومه بجناية جناها المفلس فى حالة حجره على وديعة كانت معه من قبل افلاسه والحجر عليه فان صاحب الوديعة لا يشارك الدائنين للمفلس قبل الحجر، ولا يأخذ من ماله حصة ذلك الارش. ذكر ذلك المؤيد بالله والقاضى زيد وقال ابو طالب وصاحب الوافى: بل يشاركهم ويقسط‍ مال المفلس بين الجميع (١). هذا وقد سبق ذكر اختصاص الدائن بسلعته التى اشتراها منه المفلس بعد الحجر فى «منع المفلس من التصرف».

[مذهب الإمامية]

اذا قسم القاضى مال المفلس بين دائنيه ثم ظهر دائن اخر بعد ذلك فاما أن يطالب هذا الدائن الطارئ بعين معينة من مال المفلس بأن يكون قد باع للمفلس مبيعا قبل افلاسه وعينه قائمة فى أموال المفلس بعد الحجر عليه وتوفرت شروط‍ رجوعه فيها. وأما أن يطالب بدين فى ذمة المفلس قبل افلاسه والحجر عليه. وعلى الاول فاما أن تكون تلك العين قد صارت بالقسمة فى حصة أحد الدائنين أو فى يد أجنبى باعها القاضى له وقسم ثمنها على الدائين. وأما ان تكون قد صارت للدائنين جميعا بالسوية فهى فى ايديهم جميعا، فهنا أربع صور:

ففى صورتى ما اذا كانت عينا واختص بها احد الدائنين أو باعها القاضى لاجنبى وقسم ثمنها بين الدائنين لا سبيل الى قضاء هذا الدائن الطارئ حصته من مال المفلس الا بنقص القسمة فتنقص ويشاركهم هذا الدائن فيما أخذوه، لان العين اذا انتزعت من أحدهما وردت لبائعها بقى الاخر بغير حق. وأما فى صورتى ما اذا كان يطالب بدين أو عين ولكنها فى يد جميع الدائنين بالسوية ففيه خلاف فقيل: لا تنقض القسمة وانما يرجع هذا الدائن على كل واحد من الدائنين الذين قسم عليهم مال المفلس بحصة يقتضيها الحساب، لان كل واحد منهم قد ملك ما هو قدر نصيبه بالاقباض الصادر من اهله فى محله فلا يجوز النقض لانه يقتضى ابطال الملك السابق. أما الحصة الزائدة على قدر نصيبه باعتبار الدائن الطارئ فانها غير مملوكة له فتسترد لمستحقيها. وقيل: يحتمل نقض القسمة هنا ايضا، لان ملك الدائنين لا عيان مال المفلس كان مبنيا على الظاهر من انحصار الحق فيهم وقد تبين خلافه بظهور المشارك فى الاستيفاء فلم تصح القسمة الاولى.

وحصة هذا الدائن الطارئ مشاعة فى جميع مال المفلس وقد قسم بغير اذنه فلا تصح القسمة أصلا.

واستظهر صاحب مفتاح الكرامة القول بنقضها هنا أيضا وعلى القول بنقض القسمة مطلقا ففى الشركة فى النماء المتجدد اشكال. ولو تلف المال فى يد الدائنين بغير تفريط‍ بعد ظهور دائن اخر ونقض القاضى القسمة ففى احتسابه عليهم بحيث يجب عليهم الغرم أشكال ينشأ من عدم التفريط‍ منهم وأصالة البراءة ومن انهم قبضوه للاستيفاء والقبض يضمن بفاسده كما يضمن بصحيحه. والاصح انه يضمن ويحتسب على الدائنين كما فى جامع المقاصد.

ولو خرج المبيع من مال المفلس مستحقا بعد قبض الدائنين لثمنه وتلفه فى أيديهم - وهو حينئذ مضمون عليهم لقبضهم اياه للاستيفاء - فيتخير المشترى بين الرجوع على الدائنين كل بقدر ما تلف فى يده وبين الرجوع على المفلس ويقدم به على الرأى الاقرب أو يقاسم به مع الدائنين فى المال الباقى بعد المستحق. فان رجع على الدائنين لم يرجعوا به على المفلس سواء كانوا عالمين أو جاهلين لان قبضهم كان مضمونا نعم لهم الرجوع بدينهم لانه باق.


(١) شرح الازهار ج ٤ ص ٢٨٦ - ٢٨٧ الطبعة السابقة. التاج المذهب ج ٤ ص ١٦٢ - ٢٦٣ الطبعة السابقة، البحر الزخار ج ٥ ص ٩٠ - ٩١ الطبعة السابقة.