للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثانية: يجبر على الكسب ولا يجبر على قبول هدية ولا صدقة ولا وصية ولا قرض، ولا تجبر المرأة على التزويج ليأخذ الغرماء مهرها ومن وجب عليه حق فذكر أنه معسر به حبس الى أن يأتى ببينة تشهد بعسرته (١).

[مذهب الظاهرية]

المعسر لا يمنع خصمه من لزومه والمشى حيث يمشى هو أو وكيله، ويقسم مال المفلس الذى يوجد له بين الغرماء بالحصص بالقيمة، واقرار المفلس بالدين لازم مقبول ويدخل مع الغرماء فان أقر بعد أن قضى بماله للغرماء لزمه فى ذمته ولم يدخل مع الغرماء فى مال قد قضى لهم به وملكوه قبل اقراره، ومن ثبت أن للناس عليه حقوقا من مال أو مما يوجب غرم مال ببينة عدل أو باقرار منه صحيح، بيع عليه كل ما يوجد له وانصف الغرماء، ولا يحل أن يسجن أصلا لقوله تعالى «كُونُوا قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ‍» وروى عن أبى سعيد الخدرى قال: أصيب رجل فى ثمار ابتاعها فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكثر دينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم (تصدقوا عليه) فتصدق الناس عليه، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه فقال صلّى الله عليه وسلم لغرمائه: خذوا ما وجدتم وليس لكم الا ذلك (٢).

[مذهب الزيدية]

المعسر له معنيان لغوى وشرعى، اللغوى:

مأخوذ من العسر، لأنه متى عدم المال عسرت عليه أموره وأما الشرعى فهو من لا يملك شيئا غير ما استثنى له، والمفلس من لا يفى ماله بدينه، ويقبل قول من ادعى الاعسار أو الافلاس لأجل حق يدعى عليه حيث ظهرا من حاله، والظاهر يثبت بقرائن الأحوال والتصرف فى الأموال. واذا كان الظاهر من حالة الاعسار، وحكم له به، فادعى غريمه أنه قد صار موسرا وجب تحليف المعسر، واذا ثبت عند الحاكم اعساره لم يمكن الغرماء من ملازمته حتى يوسر، ويقسم ماله بين غرمائه.

ولا يؤجر الحر المعسر بالدين - وقال أحمد واسحق يؤجر الحر - ولا تلزمه قبول الهبة لأجل الدين ولا تلزم المرأة التزوج لتقضى دينها بالمهر، ولا التزوج بمهر المثل لأجل الدين وله أن يؤجر نفسه بدون أجر المثل. فان لم يظهر اعساره بل كان الظاهر يساره أو التبس بين أنه معسر وحلف مع البينة وقيل لا يستخلف مع البينة وبينة المعسر ويمينه انما يسمعان بعد جسه حتى يغلب الظن بافلاسه (٣).

[مذهب الأمامية]

المفلس هو الفقير الذى ذهب خيار ماله وبقيت فلوسه (ردئ ماله) والمفلس: هو الذى جعل مفلسا ومنع من التصرف فى أمواله وتقسم أمواله بين غرمائه. ويمنع من التصرف احتياطا لحق الغرماء، فلو تصرف كان تصرفه باطلا سواء كان بعوض كالبيع والاجارة أو


(١) المغنى والشرح الكبير ج‍ ٤ ص ٤٥٥ وما بعدها الروض المربع ج‍ ٢ ص ٢٠٢ وما بعدها.
(٢) المحلى لابن حزم ج‍ ٨ ص ١٦٨ وما بعدها.
(٣) شرح الأزهار ج‍ ٤ ص ٢٧٦ وما بعدها.