قال: «ومن قتله؟».
قالوا: ومن يقتله سوى اليهود.
قال عليه الصلاة والسلام: «تبرئكم اليهود بأيمانها».
فقالوا: لا نرضى بأيمان قوم كفار لا يبالون ما حلفوا عليه.
فقال عليه الصلاة والسلام: «أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟».
فقالوا: كيف نحلف على أمر لم نعاين ولم نشاهد.
فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبطل دمه، فوداه بمائة من إبل الصدقة وفى رواية من عنده.
فقد أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وجوب القسامة، بقوله تبرئكم اليهود بأيمانها، وإنما لم يجر القسامة بينهم لعدم طلب أولياء القتيل القسامة وهو شرط لإجرائها، حيث قالوا: لا نرضى بأيمان قوم كفار لا يبالون ما حلفوا عليه.
ودفع الرسول الدية من عنده أو من مال الصدقة كان على سبيل الجعالة عن اليهود لأنهم من أهل الذمة وهم موضع للبر (١).
واحتج من قال بتحليف أولياء القتيل ووجوب القصاص فى العمد بقول الرسول:
أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم. ورد القائلون بوجوب الدية بأن التقدير:
وتستحقون بدل دم صاحبكم.
[مذهب المالكية]
وعند المالكية: إذا وجد قتيل وكان هناك لوث تثبت القسامة، واللوث أن توجد قرينة أو ظاهر حال على القتل يوحى بصدق أولياء القتيل فى ادعائهم القتل.
كشهادة واحد عدل أو امرأتين بالقتل أو وجود شخص بالقرب من القتيل معه آلة قتل أو أثر جراح بالقتيل، أو قول القتيل قتلنى فلان أو نحو ذلك على اختلاف فى التقدير.
والحلف عندهم على أولياء القتيل لا على المدعى عليهم بعد الدعوى بالقتل على معين، ويحلف فى دعوى القتل العمد من له القصاص من الرجال المكلفين اثنان أو أكثر وتوزع عليهم الأيمان على عدد الرءوس ويستحقون الدم فإن شاءوا قتلوا وإن شاءوا عفوا.
ويبدأ بأولياء الدم، ولهم أن يستعينوا بالعصبة. ولا يحلف الواحد وحده ولكن يستعين من عصبة الميت بمر يحلف معه.
وفى دعوى الخطأ: المكلفون من الورثة رجالا ونساء على قدر ميراثهم، وإن كان الوارث واحدا حلف خمسين يمينا متوالية.
وإستحق الدية إن كان ذكرا ونصفها إن كان أنثى، وإن تعددوا وزعت عليهم على قدر الميراث كما توزع عليهم الأيمان كذلك، ولا قسامة فيمن لا وارث له ولا يحلف بيت المال.
والحلف يكون بالله تعالى إن فلانا قتل ولينا أو مورثنا فلانا، أو أنه ضربه ومن
(١) فتح القدير ج ٨ ص ٣٨٣ وما بعدها.