للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال فى موضع آخر (١): ان الله سبحانه بين بما شرعه أن مقصوده اقامة الحق والعدل وقيام الناس بالقسط‍ فأى طريق استخرج بها الحق ومعرفة العدل وجب الحكم بموجبها ومقتضاها، والطرق أسباب ووسائل لا تراد لذواتها وانما المراد غاياتها التى هى المقاصد ولكن نبه بما شرعه من الطرق على أسبابها وأمثالها، ولن تجد طريقا من الطرق المبينة للحق الا وهى شرعة وسبيل للدلالة عليها، وهل يظن بالشريعة الكاملة خلاف ذلك، وأورد صورا لكثير مما وقع فى عهد الرسول والصحابة عدل فيها عن القواعد العامة لمصالح اقتضت ذلك.

وبقول العز بن عبد السّلام (٢): ان مصالح الدنيا وأسبابها ومفاسدها وأسبابها معروفة بالضرورات والتجارب والعادات والظنون فان خفى شئ من ذلك طلب أدلته، ومن أراد أن يعرف المصالح والمفاسد راجحها ومرجوحها فليعرض ذلك على عقله بتقدير أن الشرع لم يرد به، ثم يبنى عليه الاحكام، فلا يكاد حكم منها يخرج عن ذلك الا ما تعبد الله به عباده، ولم يقفهم على مصلحة أو مفسدة، وبذلك تعرف حسن الافعال وقبحها.

وأما الطوفى فيقول (٣) ان قول النبى صلى الله عليه وسلم «لا ضرر ولا ضرار» يقتضى رعاية المصالح اثباتا ونفيا، والمفاسد نفيا، اذ الضرر هو المفسدة، فاذا نفاها الشارع لزم اثبات النفع الذى هو المصلحة لانهما نقيضان لا واسطة بينهما، ثم أطال الكلام فى ذلك، وانته الى أن المصلحة أقوى أدلة الشرع وأخصها، فلتقدم على أساس أنها بيان للنصوص لا افتيات عليها.

[استصناع]

[تعريفة لغة]

هو لغة طلب الصنعة من الصانع فيما يصنعه.

[تعريفه شرعا]

عقد على مبيع فى الذمة مطلوب صنعته على أوضاع وشروط‍ تم الاتفاق عليها فى العقد، فى نظير ثمن معلوم.

وان شئت قلت: عقد على مبيع فى الذمة شرط‍ فيه عمل معين نظير مال معلوم.

وصورته أن يقول شخص لنجار مثلا اعمل لى مكتبا، من خشب كذا، بثمن هو كذا، مع بيان جميع أوصاف المكتب التى يرغب فيها فيقول له النجار قبلت أو نحوه.

ذهب الى ذلك بعض الفقهاء.


(١) المرجع السابق ج‍ ٤ ص ٣٧٣.
(٢) قواعد الأحكام ج‍ ١ ص ٨.
(٣) رسالة الطوفي ص ١٢ طبع مطبعة جامعة الأزهر.