للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن كان كسبه لا يكفيه قدرت له تكملة النفقة على من تجب عليه نفقته من باقى الأقارب الموسرين نفقة كفاية. أما الأب فقدرته على الاكتساب لا تمنع من وجوب نفقته على ولده، فلا يجبر على الاكتساب فى الأصح. وقال بعضهم: ان قدرته على الاكتساب تمنع من وجوب نفقته على غيره، الا اذا كان كسبه لا يفى بالانفاق عليه وعلى من تلزمه نفقته، والأقارب من النساء أما أو غيرها لا يلزمن بالاكتساب، اذ الأنوثة عجز، غير أن المكتسبة فعلا - كمن لها عمل تكتسب منه - لا نفقة لها على غيرها (١). فالأولاد الصغار والبنات صغارا كن أو بالغات والأمهات والجدات والأجداد، اذا كانوا فقراء أو ليس لهم كسب فنفقتهم على من تجب لهم عليهم.

وبالجملة: فنفقة الانسان لا تجب على غيره مادام قادرا على الاكتساب الكافى للانفاق على نفسه وعلى من تلزمه نفقته.

[مذهب المالكية]

يرى المالكية أن القادر على الاكتساب لا تجب له نفقة على غيره، فلا تجب نفقة الأب القادر على الكسب على ولده، ولا نفقة الولد القادر على الكسب على أبيه، أما البنت القادرة على الكسب فنفقتها على أبيها حتى يدخل بها زوجها البالغ، وقيل انه ان دخل بها زوجها لم يشترط‍ بلوغه. أما الزوجة القادرة على الكسب فتجب نفقتها على زوجها مع قدرتها على الكسب (٢).

[مذهب الشافعية]

يرى فقهاء الشافعية: أن قدرة الزوجة على الاكتساب لا تمنع من وجوب نفقتها على زوجها لأن الزوجة تجب نفقتها على زوجها ولو كانت موسرة بمالها أو بكسبها. أما القريب فان كان قادرا على الكسب بالصحة والقوة فان كان من الوالدين ففيه قولان، أحدهما يستحق لأنه محتاج فاستحق النفقة على الغريب كالزمن والثانى لا يستحق لأن القوة كاليسار، ولهذا سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما فى تحريم الزكاة فقال:

لا تحل الصدقة لغنى ولا لذى مرة قوى (المرة القوة والعقل)، ومنه قوله تعالى:

«ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى» وان كان من المولودين ففيه طريقان من أصحابنا: من قال فيه قولان كالوالدين، ومنهم من قال لا يستحق قولا واحدا لأن حرمة الوالد آكد فاستحق مع القوة، وحرمة الولد أضعف فلم يستحق بها مع القوة (٣).


(١) الهداية وفتح القدير ج‍ ٣ ص ٣٢١ وما بعدها والدر حاشية ابن عابدين ج‍ ٢ ص ٨٨٦ وما بعدها.
(٢) الدسوقى والشرح الكبير ج‍ ٢ ص ٥٢٢ وما بعدها.
(٣) المهذب ج‍ ٢ ص ١٧٨.