للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ» من غير وقف يخالف الوقف على قوله «الا الله»، وذلك لتردد الواو بين العطف والابتداء» (١).

ولا يختلف الشيرازى والآمدى فى بيانهما لمواضع الجنس والقدر فيحتاج إلى بيان.

الإجمال فى الأفعال

يقرر الأصوليون أن الإجمال كما يكون فى الأقوال يكون فى الأفعال، ومثال ذلك أن يفعل الرسول عليه الصلاة والسلام فعلا يحتمل وجهين احتمالا متساويا، مثل ما روى من جمعه فى السفر، فإنه مجمل لأنه يجوز أن يكون فى سفر طويل أو فى سفر قصير، فلا يجوز حمله على أحدهما دون الآخر إلا بدليل.

ومثله أيضا ما يروى أن رجلا أفطر فأمره النبى صلى الله عليه وسلم بالكفارة، فهو مجمل، لاحتمال أن يكون الإفطار بالجماع أو بتناول الطعام، فلا يحمل على أحدهما دون الآخر إلا بدليل (٢).

ويقرر الإسنوى ذلك فيقول (٣):

«المجمل قد يكون فعلا أيضا، كما إذا قام النبى صلى الله عليه وسلم من الركعة الثانية فإنه يحتمل أن يكون عن تعمد فيدل على جواز ترك التشهد الأول، ويحتمل أن يكون عن سهو فلا يدل عليه».

[حكم المجمل]

يبين شمس الأئمة السرخسى حكم المجمل فيقول: «وحكمه اعتقاد الحقية فيما هو المراد، والتوقف فيه إلى أن يتبين المراد به من المجمل» (٤).

ويبين أبو إسحاق الشيرازى حكم المجمل فيقول: «وحكم المجمل التوقف فيه إلى أن يفسر، ولا يصح الاحتجاج بظاهره فى شئ يقع فيه النزاع» (٥).

وقوع الإجمال فى الكتاب والسنة

يرى جمهور الأصوليين أن الإجمال واقع فى الكتاب والسنة وأنكر ذلك داود الظاهرى.

يقول الشوكانى فى إرشاد الفحول:

«اعلم أن الإجمال واقع فى الكتاب والسنة، قال أبو بكر الصيرفى: ولا أعلم أحدا أبى هذا غير داود الظاهرى» (٦).

ويقول صاحب جمع الجوامع:

«والأصح وقوعه - أى المجمل - فى الكتاب والسنة، ومنه قوله تعالى «أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ»، وقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يمنع أحدكم جاره أن يضع خشبة فى جداره».


(١) انظر المستصفى للغزالى ج‍ ١ ص ٣٦٠ وما بعدها. وللإجمال مراجع أخرى يرجع فيها إلى كتب الأصول.
(٢) راجع اللمعة للشيرازى ص ٢٧، والإحكام للأمدى ج‍ ٣ ص ١٤.
(٣) انظر نهاية السول شرح منهاج الأصول ج‍ ٢ ص ٥١٢.
(٤) راجع أصول السرخسى ج‍ ١ ص ١٦٨.
(٥) إرشاد الفحول للشوكانى ص ١٦٨.
(٦) ارشاد الفحول ص ١٦٨.