للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رشوة، وهى حرام، لأنه صلح عن حق، كما فى نظائره والرشوة لا تكون بحق.

وقد نزل الحسن بن على رضى الله عنهما لمعاوية رضى الله عنه عن الخلافة بعوض.

ونقل أن المفتى أبا السعود أفتى بجواز أخذ العوض فى حق القرار والتصرف وعدم صحة الرجوع. وقال ان الجواز أولى مما فى الخيرية من عدم الجواز وأن للمفروغ له الرجوع بالبدل (١).

وقد جاء فى حاشية رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين (٢) وفى تنقيح الفتاوى الحامدية له أيضا: أن شيخ الاسلام زكريا من الشافعية والشيخ نور الدين الدميرى من المالكية. والشبيبى من الحنابلة: أفتى كل منهم بجواز وحل النزول عن الوظائف فى الوقف نظير ما يأخذه النازل من مال عوضا عن نزوله عن الوظيفة، وفى هذا اشارة الى جواز أخذ العوض عن اسقاط‍ الحق عندهم.

[تجزؤ الاسقاط‍]

نص فقهاء الحنفية على أن الطلاق وهو اسقاط‍ بالاتفاق - لا يتجزأ لأن محله لا يتجزأ فى قبول حكمه وهو زوال الحل أو الملك ابتداء أو انتهاء، فلا يتصور أن يكون بعض الزوجة حلالا للزوج محرما على غيره، وبعضها الآخر محرما عليه حلالا لغيره، فلو طلق جزءا شائعا منها كنصفها أو ثلثها طلقت، لأن الجزء الشائع محل لسائر التصرفات كالبيع والاجارة والهبة وغير ذلك فيكون محلا للطلاق، الا أنه لا يتجزأ فى حق الطلاق لما ذكرنا فيثبت فى الكل ضرورة.

وكذا اذا طلقها نصف تطليقة أو ثلث تطليقة وقعت عليها طلقة كاملة واحدة، لأن الطلاق لا يتجزأ، وذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله صيانة للكلام عن الالغاء وتغليبا للمحرم على المبيح واعمالا للدليل بقدر الامكان، لأنه اذا قام الدليل على البعض وهو مما لا يتجزأ وجب اكماله وألا لزم ابطال الدليل.

ونصوا على أن العفو عن القصاص لا يتجزأ فلو عفا ولى الدم عن البعض سقط‍ الحق وسقط‍ القصاص كله ولم يبق له حق فى القود مطلقا.

وعللوا بأنه لا يتصور اسقاط‍ نصف الحق فى القتل وابقاء النصف الآخر فأن القتل انما ثبت للولى نتيجة اثبات الشرع الحق له فى القصاص كاملا، ومع


(١) تنقيح الفتاوى الحامدية ج ١ من ص ٢٢٢ الى ص ٢٢٤ وحاشية ابن عابدين على الدر المختار ج ٣ من كتاب الوقف والفتاوى الخيرية ج ١ ص ٣٢٦.
(٢) رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين ج ٢ ص ٢٧٥ الطبعة السابقة وتنقيح الفتاوى الحامدية ج ١ ص ٢٢٤.