ومن عليه دين مؤجل اذا صالح الدائن على اسقاط الأجل وجعل الدين حالا ان لم يكن ذلك نظير عوض جاز ..
ولو قال الزوج لزوجته المخيرة اختارى بألف أو قال العنين لزوجته اختارى ترك الفسخ بألف ورضيت هذه وتلك بما عرض عليها. سقط الخيار ولا يثبت العوض.
هذه الفروع كلها وغيرها كثير يدل دلالة واضحة على أن الحق ما ذهب اليه الأكثرون من الحنفية لان الأساس فيها كون الحق مجردا أو متقررا وليس كونه ثبت أصالة أو لدفع الضرر كما يقول الآخرون.
وقد اختلف المتأخرون من الحنفية فى الفراغ عن النظر على الوقف بعوض والنزول عن الوظائف بمال يعطى لصاحبها المتنازل، هل يجوز ذلك أو لا يجوز.
وقد أخذ الكثيرون بصحة النزول.
وذهب البعض الى عدم صحة هذا النزول أصلا لا بعوض ولا بدون عوض.
واختلف من رأى صحة النزول فى جواز أخذ العوض عنه.
فذهب ابن نجيم فى الاشباه الى عدم جواز الاعتياض عنه لانه من الحقوق المجردة وهى لا يجوز الاعتياض عنها كحق الشفعة.
ثم قال: قد تعارف الفقهاء فى مصر النزول عن الوظائف بمال يعطى لصاحبها فينبغى الجواز اعتبارا للعرف. وأنه لو نزل له وقبض منه المبلغ ثم أراد الرجوع عليه لا يملك ذلك (١).
وأفتى خير الدين الرملى فى الفتاوى الخيرية بعدم جواز أخذ العوض فى ذلك، لانه اعتياض عن حق مجرد، وهو لا يجوز كما صرحوا به قاطبة، ومن أفتى بخلافه فقد أفتى بخلاف المذهب، لبنائه على اعتبار العرف الخاص وهو خلاف المذهب.
ثم قال ان للمنزول له أن يرجع بما بذل استنادا الى ما جاء فى البزازية: له عطاء فى الديوان مات عن ابنين فاصطلحا على أن يكتب فى الديوان اسم أحدهما ويأخذ العطاء ولا شئ للآخر من العطاء، ولكن يؤخذ ممن كتب اسمه وأخذ العطاء مالا معلوما، فالصلح باطل ويرد بدل الصلح، والعطاء الذى جعل الامام العطاء له.
كما نقل الخير الرملى عن المقدسى أن الفتوى على عدم جواز الاعتياض عن الوظائف على أساس أنها حقوق مجردة.
وذهب البعض الى أن المال الذى يؤخذ نظير الفراغ عن الوظائف رشوة وهى حرام بالنص.
وذهب ابن عابدين الى جواز أخذ العوض عن النزول عن الوظائف وقال: انه كلام وجيه يندفع به ما قيل من أن المال
(١) الاشباه والنظائر لابن نجيم ص ١٧٤.