للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أثر الاعسار بالمهر]

[مذهب الحنفية]

اذا اعسر الزوج بالمهر الواجب عليه لزوجته لم يفرق بينه وبين زوجته بسبب ذلك، لأنه دين مستقر ولأن المقصود بالنكاح غير المال فكان المال زائدا والعجز عن التبع لا يكون سببا لرفع الأصل (١).

ويكون من حق المرأة حينئذ أن تمنع زوجها من الاستمتاع والسفر بها حتى يوفيها معجل مهرها كاملا وان كانت قد انتقلت الى بيت زوجها، لأن حق الزوج قد تعين فى المبدل وهو البضع فوجب أن يتعين حقها فى البدل وهو المهر تسوية بينهما وحقها فى المهر انما يتعين بالقبض لا بمجرد العقد، وكذلك يكون من حقها حينئذ أن تسافر وان تخرج من بيت زوجها لحاجتها أو لزيارة أهلها بدون اذنه ما لم تقبضه ويكون لها كل هذا سواء كان قبل الدخول أو بعد الدخول بها راضية - وهى من أهل الرضا - أو مكرهة عند أبى حنيفة - لأن كل وطأة معقود عليها فتسليم البعض لا يوجب تسليم الباقى.

وعند ابى يوسف ومحمد: ليس لها ذلك ان كان قد دخل بها برضاها، لأنها بالوط‍ ء مرة واحدة سلمت جميع المعقود عليه برضاها وهى من أهل التسليم فبطل حقها فى المنع.

وعلى هذا الخلاف الخلوة بها برضاها لا تسقط‍ حقها فى منعه من الاستمتاع بها وغيره حتى تقبض مهرها عنده خلافا لهما.

وعلى هذا الخلاف أيضا استحقاق النفقة لها على زوجها بعد الامتناع.

فعند أبى حنيفة تستحقها وليست بناشزة لأنه امتناع بحق.

وعند الصاحبين لا تستحقها وهى ناشزة الا أن تمنعه من الاستمتاع بها وهى تقيم معه فى بيته.

وهذا كله ان كان المهر معجلا كله أو بعضه أو كان مؤجلا لأجل مجهول جهالة فاحشة كالى وقت يساره مثلا، أو كان مسكوتا عن التعجيل والتأجيل وليس هناك عرف بتعجيل البعض وترك الباقى فى الذمة الى وقت الطلاق أو الموت.

أما اذا كان المهر كله مؤجلا مدة معلومة أو قليلة الجهالة كالحصاد ونحوه فليس لها أن تمنع نفسها عند أبى حنيفة ومحمد سواء كان قبل الدخول أو بعده، لأنها بالتأجيل رضيت باسقاط‍ حق نفسها فلا يسقط‍ حق الزوج، وسواء قبل حلول الأجل أو بعده، لأن حقها فى منع نفسها قد سقط‍ بتأجيل المهر فى العقد والساقط‍ لا يحتمل العود فلا يثبت لها بعد حلول الأجل.


(١) المبسوط‍ للسرخسى ج ٥ ص ٦٩١ الطبعة الاولى مطبعة السعادة سنة ١٣٢٤ هـ‍