للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذا الخلاف لو علم بها وهو قاض فى مصره ثم عزل ثم أعيد.

وأما فى حد الشرب وحد الزنا فلا ينفذ قضاؤه بعلمه اتفاقا، إلا أن المعتمد عند المتأخرين عدم جواز حكمه بعلمه لفساد قضاة الزمان.

وعبارة الأشباه: والفتوى اليوم على عدم العمل بعلم القاضى فى زماننا، وهذا موافق لما مر من الفرق بين الحد الخالص لله تعالى وبين غيره. ففى الأول: لا يقضى اتفاقا بخلاف غيره فيجوز القضاء فيه بعلمه وهذا على قول المتقدمين وهو خلاف المفتى به، وإذا علم القاضى بالسكر يعزره للتهمة لأن القاضى له تعزير المتهم وان لم يثبت عليه، وإن علم بالطلاق أو العتق أو الغصب، يأمر بالحيلولة بين المطلق وزوجته والمعتق وأمته أو عبده، والغاصب وما غصبه، بأن يجعله تحت يد أمين إلى أن يثبت ما علمه القاضى بوجه شرعى على وجه الاحتساب وطلب الثواب لئلا يطأها الزوج أو السيد الغاصب لا على طريق الحكم بالطلاق أو العتاق أو الغصب (١).

[مذهب المالكية]

وفى مذهب المالكية: إن القاضى يقضى بعلمه ويعتمد عليه فى الجرح والتعديل فى الشهود اتفاقا، أما غير ذلك من الأشياء ففيه خلاف، والعمل علي أنه لا يعتمد على علمه.

جاء فى التبصرة (٢): وفى مختصر الواضحة «إذا كان الحاكم عالما بعدالة الشاهد حتى أنه لو لم يكن حاكما لزمه أن يعدله إذا سئل عنه فذلك الذى يجيز شهادته على علمه، ولا يعدله لا سرا ولا علانية، وإن سأله ذلك المشهود عليه، وكذلك إذا علم الحاكم من الشاهد جرحه حتى أنه لو لم يكن حاكما لزمه أن يجرحه إذا سئل عنه، فلا يعدله لا سرا ولا علانية ولا يقبل شهادته، وأن عدله المشهود له عنده بجميع أهل بلده.»

ثم قال: «واختلف فى حكمه بما أقر به الخصمان بين يديه، فقال مالك وابن القاسم لا يحكم بعلمه فى ذلك.»

وقال عبد الملك بن الماجشون: يحكم وعليه قضاة المدينة، ولا أعلم أن مالكا قال غيره.

وبه قال مطرف وسحنون وأصبغ، والأول هو المشهور.

وقال فى المتيطية: قال الشيخ عبد الرحمن فى مسائله: قول ابن القاسم أصح لفساد الزمان ولو أدرك عبد الملك وسحنون زماننا لرجعا عما قالاه، ولو أخذ بقولهما لذهبت أموال الناس وحكم عليهم بما لم يقروا به، ثم إذا حكم بعلمه فى ذلك فعلى قول مالك وأبن القاسم ينقضه هو كما ينقضه غيره.


(١) ابن عابدين ج‍ ٤ ص ٥٣٤ وما بعدها.
(٢) ج‍ ٢ ص ٤٦ وما بعدها.