للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يترك لذلك الاقبال على صلاته فصلاته تامة ولا شئ عليه.

برهان ذلك قول الله تبارك وتعالى «لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها» (١).

وقول الله عز وجل: «وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ» (٢).

فاذ هم غير مكلفين ما لا يقدرون عليه من ستر العورة فهم مخاطبون بالصلاة كما يقدرون وبالامامة فيها فى جماعة فسقط‍ عنهم ما لا يقدرون عليه وما ليس فى وسعهم وبقى عليهم ما يستطيعون عليه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «اذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم».

وأما من تأمل فى صلاته عورة لا يحل له النظر اليها فان صلاته تبطل، لأنه عمل فيها عملا لا يحل له فلم يصل كما أمر ومن لم يصل كما أمر فلم يأت بالصلاة التى أمره الله تعالى بها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد».

فان فعل ذلك ناسيا فعليه سجود السهو، لأنه زاد فى صلاته نسيانا ما لو عمده لبطلت صلاته.

وأما اذا تأمل عورة أبيح له النظر اليها فهى من جملة الأشياء التى لا بد له من وقوع النظر على بعضها فى الصلاة ولا فرق بين مباح ومباح.

فان اشتغل بشئ من ذلك كله عن صلاته عمدا فقد عصى الله تعالى ولم يصل كما أمر.

[مذهب الزيدية]

جاء فى شرح الأزهار (٣): أن من شروط‍ الصلاة ستر جميع العورة فى جميع الصلاة بحيث أنه لو انكشف منها شئ فى أى حالات الصلاة بطلت.

وقال البعض اذا انكشف بعد أن أدى الواجب من الركن وسترها قبل أن يأخذ فى ركن آخر لم تبطل وهو قول المنصور.

قال عليه السّلام والعورة تكون بحيث لا ترى الا بتكلف أى يلبس الثوب لبسة يستر بها جميع عورته حتى لو أراد الرائى أن يراها لم يرها الا بتكلف منه.

فعلى هذا لو التحف ثوبا وصلى فى مكان مرتفع على صفة لو مر تحته مار رأى عورته من دون تكلف لم تصح صلاته.

ويجب ستر العورة من الثياب بما لا يصف لون البشرة لرقة فيه فان كان يصف لم تجز.

وقال الأمير ذلك يختلف بالمكان والزمان وهو قول البعض أن الظلمة ساترة وانما تجزئ بثوب صفيق غير خشن وقد قدر واحد الصفاقة أن لا تنفذ من جسد المصلى الشعرة بنفسها فان كانت تنفذ بنفسها لا بمعالجة لم تجز الصلاة به وحده.

والعورة بالنظر الى الصلاة دون سائر الأحوال هى من الرجل ومن لم ينفذ عتقه من المماليك الذكور والاناث فيدخل فى ذلك


(١) الاية رقم ٢٨٦ من سورة البقرة.
(٢) الاية رقم ١١٩ من سورة الانعام.
(٣) شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح وهامشه ج ١ ص ١٧٢، ص ١٧٣ طبع مطبعة حجازى بمصر سنة ١٣٥٧ هـ‍