للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو كدابة ونحو ذلك لم يجز تأخير قبضه اذا كان أجرا على منفعة فى الذمة كالحمل فان ذمة الأجير تشغل به بناء على العقد فاذا لم يقبض كان ذلك كبيع معين تأخر قبضه اذ الأمر حينئذ لا يعدو أن يكون معاوضة بين الأجر الذى هو عين والمنفعة التى التزم بها الأجير، وقد تملك الأجير بناء على ذلك العين بما التزم من منفعة هى الحمل.

ولكن اذا سلمت العين التى جعلت أجرا حين العقد انتفى تأخير القبض فتصح الاجارة.

وكذلك اذا اشترط‍ فى العقد قبضه فى الحال أو جرى العرف بذلك، اذ المعروف كالمشروط‍ لأن العقد حينئذ يكون قد تم على أساس القبض فى الحال فكان التأخير فيه غير مراعى، وفى الزيتون والزرع عللوا الفساد بجهالة الأجر لأنه لا يدرى مقدار ما يخرج من الزيت بعد عصر الزيتون ولا مقدار ما يكون من الحبوب بعد الحصد ولذا أجازوا الاجارة اذا قال المستأجر للأجير انفض زيتونى ولك نصفه أو التقط‍ زيتونى ولك نصفه لانتفاء الجهالة حينئذ.

وفى الشرح الكبير للدردير: وجازت الاجارة بصاع دقيق يدفعه رب القمح لمن يطحنه له منه أو فى غيره نظير طحنه أو بصاع زيت يدفعه رب الزيتون لمن يعصره له أجرا لعصره اذا لم يختلف كل من الحب أو الزيتون فى الخروج، فان اختلف بأن كان تارة يخرج منه الدقيق أو الزيت وتارة لا يخرج منع ذلك للجهالة، فان شك فى الأمر حمل فى الزيتون ونحوه كالسمسم على عدم الخروج لكون الشأن فيه ذلك فتمنع الاجارة وفى الحنطة ونحوها يحمل على الخروج فيجوز لأن الشأن خروج الدقيق من الحب (١).

[مذهب الشافعية]

وفى نهاية المحتاج للرملى الشافعى (٢):

ولا تجوز الاجارة على سلخ شاة مذبوحة بجلدها ولا على طحن بر ببعض الدقيق أو بالنخالة التى تخرج منه للجهل بثخانة الجلد ورقته بعد السلخ وبنعومة الدقيق وخشونته بعد الطحن لانتفاء القدرة عليها حالا (أى عند العقد) ولنهيه صلّى الله عليه وسلّم عن قفيز الطحان، وقد فسر بأن يجعل أجر الطحن لحب معلوم قفيزا مطحونا.

قال السبكى ومنه ما يقع فى زماننا من جعل أجرة الجابى عشر ما يجيبه من النقود وذلك للجهل بمقدار الأجر عند العقد، ثم قال: ولا أثر لوقوع العمل المكترى له فى ملك غير المكترى (وهو الأجير) لوقوعه بطريق التبعية كما لو ساقى شريكه وشرط‍ له زيادة من الثمر.

واختار السبكى أنه ان استأجر على الكل أو أطلق ولم تدل قرينة على أن المراد الاستئجار على العمل فى حصته فقط‍ امتنع وهو مراد النص لوقوع العمل فى ملك غير المكترى قصدا فان كان الاستئجار على


(١) الخرشى ج‍ ٧ ص ٧ والشرح الكبير ج‍ ٤ ص ٩ وحاشية الدسوقى عليه.
(٢) ج‍ ٥ ص ٢٦٦.