للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا فيما لا يمكن فيه معرفته للمبيع بغير وصف وأما ما يمكن معرفته للمبيع بدون وصف فيجوز شراؤه، وان لم يوصف له المبيع كالسمن فى الشاة وكالأدهان والمشمومات، لأنه يدركها باللمس والذوق والشم.

وانما يجوز البيع من الأعمى اذا كان المبيع غير جزاف لأن الجزاف تعتبر فيه الرؤية (١).

[مذهب الشافعية]

فى المجموع للنووى: يقاس بيع الأعمى على بيع ما لم يره البصير: أيصح أم لا يصح؟ قالوا اذا لم يجوز بيع الغائب وشراءه لم يصح بيع الأعمى ولا شراؤه.

واذا جوزناه فوجهان: أصحهما لا يجوز أيضا، لأنه لا طريق له الى رؤيته، فيكون كبيع الغائب على أن لا خيار.

والثانى يجوز فيقام وصف غيره له مقام رؤيته.

فان صححناه قال المتولى وغيره: يثبت له الخيار عند وصف السلعة له ويكون الوصف بعد العقد كرؤية البصير (٢).

ثم جاء فى المجموع:

لا يصح بيع الأعمى وشراؤه واجارته ورهنه وهبته ومساقاته ونحوها من المعاملات. على المذهب الصحيح (٣).

وجاء مثل ذلك فى الأشباه والنظائر وأضاف أنه لا يصح قبضه ما ورث أو وهب له أو اشتراه سلما، أو قبل العمى، أو دينه. نعم يصح أن يشترى نفسه أو يؤجرها، لأنه لا يجهلها، أو يشترى ما رآه قبل العمى ولم يتغير (٤).

ويجوز للعبد أن يقبل الكتابة على نفسه لعلمه بنفسه (٥).

واذا أسلم (٦) الأعمى فى شئ أو أسلم اليه فان كان عمى بعد بلوغه سن التمييز صح السلم بلا خلاف لأنه يعرف الأوصاف ثم يوكل من يقبض عنه ولا يصح قبضه لنفسه على أصح الوجهين، لأنه لا تمييز بين المستحق وغيره.

فان خلق أعمى، أو عمى قبل التمييز فوجهان أحدهما لا يصح وهو الأصح عند المتولى وأصحها عند العراقيين والجمهور من غيرهم الصحة وهو المنصوص أو ظاهر النص لأنه يعرف بالسماع، فعلى هذا انما يصح اذا كان رأس المال موصوفا وعين فى المجلس فان كان معينا فى العقد فهو كبيعه العين والمذهب بطلانه (٧).

واذ ملك الأعمى شيئا بالسلم أو الشراء - حيث صححناه لم يصح قبضه ذلك بنفسه بل يوكل بصيرا يقبض له بتلك الأوصاف فلو قبضه الأعمى لم يعتد به.

قال المتولى:

ولو اشترى البصير شيئا ثم عمى قبل قبضه وقلنا لا يصح شراء الأعمى فهل ينفسخ هذا البيع؟ فيه وجهان كما اذا اشترى الكافر كافرا فأسلم العبد قبل القبض. الأصح لا يبطل (٨).

وفى مكاتبة الأعمى وجهان حكاهما المتولى وآخرون أصحهما جوازه وصححه المتولى تغليبا للعتق والثانى لا يجوز وبه قطع البغوى (٩).

وكل ما لا يصح من الأعمى من التصرفات فطريقه أن يوكل وتحتمل صحة وكالته للضرورة (١٠).

[مذهب الظاهرية]

بيع الأعمى وابتياعه بالصفة جائز كالصحيح ولا فرق لأنه لم يأت قرآن ولا سنة بالفرق بين شئ وشئ من ذلك.


(١) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج‍ ٣ ص ٢٤ الطبعة السابقة.
(٢) المجموع شرح المهذب للنووى ج‍ ٢ ص ٣٠٢ - ٣٠٣ مطبعة التضامن الأخوى بمصر سنة ١٣٤٤ هـ‍.
(٣) المرجع السابق ج‍ ٩ ص ٣٠٤.
لجلال الدين عبد الرحمن السيوطى المتوفى سنة ٩١١ هـ‍ طبع شركة مكة ومطبعة مصطفى البابى الحلبى وأولاده بمصر
(٤) الأشباه والنظائر فى قواعد فروع فقه الشافعية سنة ١٣٧٨ هـ‍ - ١٩٥٩ م ص ٢٥٠.
(٥) المجموع شرح المهذب للنووى ج‍ ٩ ص ٣٠٣ مطبعة التضامن الأخوى بمصر سنة ١٣٣٤ هـ‍.
(٦) من السلم.
(٧) المرجع السابق ج‍ ٩ ص ٣٠٣.
(٨) المرجع السابق ج‍ ٩ ص ٣٠٣ - ٣٠٤.
(٩) المرجع السابق ج‍ ٩ ص ٣٠٣.
(١٠) المرجع السابق ج‍ ٩ ص ٣٠٣.