الامام على دخول الحرم بعوض فالصلح باطل فان دخلوا الى الموضع الذى صالحهم عليه لم يرد عليهم العوض لأنهم قد استوفوا ما صالحهم عليه وان وصلوا الى بعضه أخذ من العوض بقدره ويحتمل ان يرد عليهم بكل حال لأن ماستوفوه لا قيمة له والعقد لم يوجب العوض لكونه باطلا. فأما مساجد الحل فليس لهم دخولها بغير اذن المسلمين لأن عليا رضى الله عنه بصر بمجوسى وهو على المنبر وقد دخل المسجد فنزل وضربه وأخرجه من أبواب كندة فان أذن لهم فى دخولها جاز فى الصحيح من المذهب لأن النبى صلى الله عليه وسلم قد عليه وفد أهل الطائف فأنزلهم من المسجد قبل اسلامهم وقال سعيد بن المسيب قد كان أبو سفيان يدخل مسجد المدينة وهو على شركه وقدم عمير بن وهب فدخل المسجد والنبى صلّى الله عليه وسلّم فيه ليفتك به فرزقه الله الاسلام وفيه رواية أخرى ليس لهم دخوله بحال لأن أبا موسى دخل على عمر ومعه كتاب قد كتب فيه حساب عمله فقال له ادع الذى كتبه ليقرأه قال أنه لا يدخل المسجد قال ولم قال انه نصرانى وفيه دليل على شهرة ذلك بينهم وتقرره عندهم ولان حدث الجنابة والحيض والنفاس يمنع المقام فى المسجد فحدث الشرك أولى.
[حكم اقامة المستأمن فى دار الاسلام]
جاء فى المغنى: وإذا (١) دخل حربى دار الاسلام بأمان فأودع ماله مسلما أو ذميا أو أقر أقرضهما اياه ثم عاد إلى دار الحرب نظرنا فان دخل تاجرا أو رسولا أو متنزها أو لحاجة يقضيها ثم يعود إلى دار الاسلام فهو على أمانة فى نفسه وماله لأنه لم يخرج بذلك عن نية الاقامة بدار الاسلام فأشبهه الذمى إذا دخل لذلك وان دخل مستوطنا بطل الامان فى نفسه وبقى فى ماله لانه لم يخرج بذلك عن نية الاقامة بدار الاسلام فأشبهه الذمى إذا دخل لذلك وإن دخل مستوطنا بطل الامان فى نفسه وبقى فى ماله لانه بدخوله دار الاسلام بأمان ثبت الامان لماله الذى معه فإذا بطل فى نفسه بدخوله دار الحرب بقى فى ماله لاختصاص المبطل نفسه فيخص البطلان به فإن قتل فانما يثبت الامان لماله تبعا فإذا بطل فى المتبوع بطل فى التبع قلنا بل يثيب له الامان لمعنى وجد فيه وهو ادخاله معه وهذا يقتضى ثبوت الامان له وان لم يثبت فى نفسه بدليل ما لو بعثه مع مضارب له أو وكيل فإنه يثبت الامان ولم يثبت الامان فى نفسه ولم يوجد فيه هاهنا ما يقتضى الامان فيه فبقى على ما كان عليه ولو أخذه معه إلى دار الحرب لنقض الامان فيه كما ينتقض فى نفسه لوجود المبطل منهما فإذا ثبت هذا فإن صاحبه ان طلبه بعث إليه وان تصرف فيه يبيع أو هبة أو غيرهما صح تصرفه وان مات فى دار الحرب انتقل إلى وارثه ولم يبطل الامان فيه وقال ابو حنيفة يبطل فيه وهو قول الشافعى لانه قد صار لوارثه ولم يعقد فيه أمانا فوجب ان يبطل فيه كسائر أمواله ولنا أن الامان حق له لازم تتعلق بالمال فإذا انتقل إلى الوارث انتقل لحقه كسائر الحقوق من الرهن والضمين والشفعة وهذا اختيار المازنى ولانه مال له أمان فينتقل إلى وارثه مع بقاء الامان فيه كالمال الذى مع مضاربه وان لم يكن له وارث صار فيئا لبيت المال فان كان له وارث فى دار الاسلام فقال القاضى لا يرثه لاختلاف الدارين والاولى أنه يرثه لان ملتهما واحدة فيرثه كالمسلمين وان مات المستأمن فى دار الاسلام فهو كما لو مات فى دار الحرب سواء لان المستأمن حربى تجرى عليه أحكامهم وان رجع إلى دار الحرب فسبى واسترق فقال القاضى يكون ماله موقوفا حتى يعلم اخر أمره بموت أو غيره فان مات كان فيئا لان الرقيق لا يورث وان عتق كان له وأن لم يسترق ولكن من عليه الامام أو فاداه فماله له وان قتله فمالة لورثته وان لم يسب ولكن دخل دار الاسلام بغير أمان ليأخذ ماله