للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: يأكل سرا. لئلا يبيح البراءة من نفسه، وهو مباح له الفطر وجوز البعض أن يأكل بقية يومه في منزله إن أكل داخل الأميال قبل دخول المنزل وكذلك إذا صح من مرضه في خلال نهار رمضان وكان قد أفطر قبل ذلك فلا بأس عليه في الأكل فيما بقى من ذلك النهار كالمسافر.

وعليهما الإعادة أيضا لذلك اليوم، سواء أمسكا فيه أم لم يمسكا. (١)

[إمساك المال أو الإنسان للجناية عليه وأثره]

[مذهب الحنفية]

لو أمسك شخص شخصا هاربا من عدوه حتى لحق به عدوه وقتله عمدا وهو ممسك به فالقصاص على الذي باشر القتل. أما الممسك فلا قصاص ولا ضمان عليه؛ لأنه تسبب في القتل فقط لكن يحبس في السجن ويعاقب. (٢)

ولو قتل وليُّ القتيل الممسك فعليه القصاص سواء قضى القاضي بسقوط القصاص عن الممسك أولم يقض به، لأن عصمة دم الممسك وحرمة قتله أمر لا يخفى على أحد من الناس ولا يشكل عليهم. (٣)

وإن قَمَطَ شخص شخصا - أي أمسكه وشد يديه ورجليه - وطرحه أمام أسد أو سبع من السباع فقتله السبع لم يكن على الذي فعل ذلك قصاص ولا دية ولكنه يعزر ويضرب ويحبس حتى يموت.

وجاء في الفتاوى البزازية: أنه روى عن الإمام أبى حنيفة لزوم الدية على عاقلته. وكذلك لو قمطه فنهشته حيّة أو لسعته عقرب أو ألقاه في الشمس أو البرد حتى مات. ولو قمطه وألقاه في البحر فرسب وغرق كما ألقاه فعلى عاقلة الملقى الدية مغلظة عند أبى حنيفة لأنه غرق بطرحه في الماء ولو سبح ساعة ثم غرق أو كان يُعرف بإجادة السباحة فلا دية، لأنه غرق بعجزه، ولو أنه رسَب في الماء حين طُرح ولا يدرى مات أو خرج ولم ير له أثر فلا شئ على من أمسكه وطرحه ما لم يعلم أنه مات. (٤)

ولو أن رجلا أمسك رجلا فقيده وحبسه في بيت حتى مات جوعا أو عطشا فقال محمد بن الحسن: أوجعه عقوبة والدية على عاقلته، والفتوى على قول أبى حنيفة أنه لا يضمن شيئا (٥). وجاء في شرح الحموى عن خزانة المفتين: أن قول محمد هو المختار في زماننا لمنع الظلمة من الظلم. (٦)

وإن أخذ رجل بيد إنسان وأمسكها ليصافحه فجذب يده من يد الممسك فانقلب فمات فلا شئ على الممسك، لأنه غير متعد في الإمساك للمصافحة بل هو مقيمُ سنّة. وإنما الجاذب هو


(١) شرح النيل السابق جـ ٢ ص ٢٠٧ والوضع السابق ص ١٥٧
(٢) حاشيه ابن عابدين على الدر المختار شرح تنوير الأبصار جـ ٦ ص ٧٤٨. الطبعة الثانية بمطبعة الحلبى سنة ١٢٨٦ (مسائل شتى) الفتاوى الهندية جـ ١ ص ٨٨ الطبعة الثانية بالمطبعة الأميرية سنة ١٢١٠.
(٣) حاشية بن عابدين على الدر المختار السابقة ص ٥٤١. (باب الجنايات) مبحث شريف.
(٤) المرجع السابق ص ٥٤٤.
(٥) الفتاوى الهندية السابقة جـ ٦ ص ٦.
(٦) حاشية ابن عابدين على الدر المختار السابقة جـ ٣ ص ٥٤٣.