للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وأما الشيعة الإمامية]

فقد جاء فى كتاب تحرير الأحكام (١) لهم: «ولا يجوز استئجار شجر لأخذ ثمره، كما جاء فيه أيضا ما نصه وفى جواز استئجار الغنم والابل والبقر لأخذ لبنها أو لاسترضاعها أو لأخذ صوفها أو شعرها أو وبرها اشكال كما جاء فيه أيضا: ويجوز كراء بئر أو عين لأخذ الماء منها أما شراء الماء فلا يصح».

والحكم الأول الخاص باستئجار الشجر لأخذ ثمره يدل على أن الشيعة الإمامية كغيرهم فى أنهم لا يجوزون ورود عقد الاجارة على الأعيان ومن ثم كان فى قولهم بجواز استئجار الغنم لأخذ لبنها وصوفها اشكال، وربما دل هذا على وجود خلاف فى الفقه الشيعى فى تجويز اجارة عين لأخذ ما تنتجه من ماء أو لبن ونحوه، ومن ثم جاز استئجار البئر لأخذ مائه نتيجة لهذا الخلاف وان لم يشر صاحب الكتاب الى هذا الخلاف، وربما كان ذلك من قبيل الاستثناء وأن المذهب الشيعى يرى عدم الجواز الا فيما نص على جوازه.

[الإباضية]

أما الإباضية فقد جاء فى شرح النيل جواز كراء البئر أو العين لأخذ مائه، وان ذلك محل خلاف عندهم (٢).

وأجاز ذلك الحنفية لعموم البلوى (٣)

واستثنى الفقهاء من هذا الأصل اجارة الظئر للارضاع مراعين فى ذلك أن الاجارة فى هذه الحال على ما تقوم به الظئر من أعمال ومنافع للطفل من حمل ورعاية وحفظ‍ وغير ذلك من الأعمال التى تصلح أن تكون محلا لعقد الاجارة، أما اللبن فتابع لذلك.

وذهب ابن عقيل من الحنابلة الى جواز استئجار البئر ليستقى منه أياما معلومة أو ليؤخذ منه دلاء معلومة.

وفى المغنى أن القول بهذا يقتضى جواز استئجار بركة ليصطاد منها السمك مدة معلومة.

كما نصوا على جواز الاستئجار على الكتابة وعندئذ يكون التزام الكاتب بالحبر والأقلام ودخوله فى الاجارة من قبيل دخول التابع ومثله خيط‍ الخياط‍ وكحل الكحال ومرهم الطبيب وصبغ الصابغ (٤) وماء الحمام، وذلك مع ملاحظة ما فى الحمام من الانتفاع بالأدوات والمكث فيه، ومثل هذه المسائل كثير فيما جرى به العرف.

وفى المحلى لابن حزم (٥): ولم يجز مالك اجارة الشاة ولا الشاتين للحلب وأجاز اجارة القطيع من ذوات اللبن للحلب، كما أجاز استئجار البقرة للحرث مع اشتراط‍ لبنها.

وقد جاء بالتاج والاكليل للمواق ما يدل على ذلك (٦).

فقد جاء فيه جواز أن يكترى البقرة ويشترط‍ حلابها لأن الغرر خف بما انضاف


(١) ج‍ ١ ص ٢٤٣.
(٢) شرح النيل ج‍ ٥ ص ٣٩.
(٣) الدر المختار ج‍ ٥ ص ٤٣.
(٤) كشاف القناع ج‍ ٢ ص ٢٩٣.
(٥) ج‍ ٨ ص ١٨٩ مسألة ١٢٩٦.
(٦) هامش ج‍ ٥ من الحطاب ص ٤٢٢.