للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن المرتهن بعقد الرهن ثبت له الاختصاص بالمرهون، فيثبت له الاختصاص ببدله وهو الثمن (١).

[مذهب المالكية]

من باع سلعة وجازها المشترى وقبل أن يقبض البائع ثمنها حكم القاضى بافلاس المشترى والسلعة موجودة بعينها فلبائعها - وهو الدائن بثمنها - الخيار بين أن يأخذ عين سلعته الثابتة له ببينه أو بإقرار المفلس قبل الحكم بإفلاسه والحجر عليه وهو أحق بها من سائر الدائنين. وبين أن يتركها للمفلس ويقاسم بثمنها مع الدائنين وهذا إن حدث الافلاس بعد البيع ونحوه كالهبة بشرط‍ العوض والقرض. فإن وقع الافلاس قبل البيع لكن بعد قبض المشترى السلعة ليقلبها أو ليتروى فى أخذها ثم عقد البيع بعد الافلاس فلا يكون البائع أحق بها حتى وأن لم يعلم حين البيع بافلاسه لعدم تثبته بأن هذا الذى إشترى منه مفلس، ولا يكون لهذا البائع سوى أن يتبع بالثمن ذمة المفلس ولا دخول له مع الدائنين فى المال الذى خلعوه من تحت يد المفلس سواء وقع البيع بعد قسمة ذلك المال أو قبله لأنه عامل المفلس بعد الحكم بخلغ ماله لهم. وهذا فى حالة الحياة أما فى حالة موت المشترى مفلسا أم غير مفلس فلا يكون بائع السلعة له أحق بها من الدائنين بل هو أسوتهم فيها لما روى أن النبى صلي الله عليه وسلّم قال: «أيما رجل باع متاعا فأفلس الذى ابتاعه ولم يقبض الذى باعه من ثمنه شيئا فوجد متاعه بعينه فهو أحق به، وان مات المشترى فصاحب المتاع أسوة الغرماء» ولأن ذمة الميت قد خربت بالكلية بخلاف المفلس فإن ذمته موجودة فى الجملة فيتعلق بها دين الدائنين الاخرين وإن كانت السلعة ما زالت فى يد البائع لم يسلمها للمشترى فإنه - أى البائع يكون أحق بها من سائر الدائنين سواء فى حالة افلاس المشترى أو موته. واذا أراد البائع أخذ سلعته الموجودة عند المفلس ورضى الدائنون جميعا بذلك لم يحتج الى حكم القاضى بذلك وان لم يسلموا له ذلك فلا بد من حكم القاضى به وهو الظاهر. وهذا كله اذا كانت السلعة عرضا أو مثليا أو حيوانا. أما إذا كان عين ماله الموجود عند المفلس دراهم مسكوكة فعند ابن القاسم له أن يأخذه أيضا حيث عرف بعينه بأن كان مطبوعا عليه أو كان هناك بينة لازمت القابض لهذه الدراهم حتى حكم بإفلاسه قياسا للثمن على المثمن.

وقال أشهب: ليس له إلا أن يقاسم بها غيره من دائنى المفلس ولا يأخذها لأن الموجود فى الأحاديث من وجد سلعته أو متاعه فهو أحق به والنقدان - أى الذهب والفضه - لا يطلق عليهما ذلك عرفا.

ثم أن مثل الدائن فى كل ذلك من تزول منزلته بارث أو هبة الثمن أو صدقة عليه أو حوالة.

أما من اشترى الثمن من بائع السلعة فليس له الا مقاسمة الدائنين بالثمن، وليس له أخذ السلعة.

ويشترط‍ لرجوع الدائن فى عين ماله الموجود عند المفلس وأخذه له ثلاثة شروط‍.

الشرط‍ الأول: ألا يعطيه الدائنون ثمن سلعته الذى على المفلس. فإن أعطوه ذلك من مالهم الخاص بهم أو من مال المفلس فليس له أخذ سلعته حينئذ، وكذلك لا يأخذها إن ضمنوا له ثمنها وهم ثقات أو أقاموا له به كفيلا ثقة. الشرط‍ الثانى: أن يكون عين شئ الدائن الذى خرج منه مما يمكن أخذه واستيفاؤه فإن لم يمكن ذلك فلا رجوع له فيه كما اذا تزوجت أمرأة بصداق معلوم ثم حكم بإفلاس الزوج قبل قبضها له فليس لها أن ترجع فى بضعها الذى خرج منها لعدم إمكان ذلك بل تدخل مع الدائنين فى قسمة مال زوجها بجميع صداقها. وهذا ظاهر فى المدخول بها لأن الكلام فيما قبض وكذلك غير المدخول بها اذا لم ترد التطليق. أما ان أرادت ذلك فيكون لها لأن الزوج لم يقبض البضع، وتقاسم الدائنين بنصف المهر على الأرجح لانها ملكته بالعقد. وكذلك من خالعته امرأته على شئ معلوم ولم يقبض المخالع العوض حتى حكم بافلاس


(١) البدائع ج ٦ ص ١٥٣ (الطبعة السابقة).