للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذكر القرطبى المالكى فى تفسير قوله تعالى: «وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ» وقد اختلف العلماء هل ذلك على الوجوب أو على الندب؟.

فقال أبو موسى الأشعرى وابن عمرو والضحاك وسعيد بن المسيب وجابر بن زيد ومجاهد وداود بن على وابنه أبو بكر هو على الوجوب، ومن أشدهم فى ذلك عطاء.

وذهب الشعبى والحسن الى أن ذلك على الندب والارشاد.

ويحكى أن هذا قول مالك والشافعى وأصحاب الرأى اذا كان الخيار للبائع (١) أو للمشترى وغاب احدهما ثم قدم بعد انقضاء مدة الخيار فادعى من له الخيار أن كان بائعا أنه أمضاه فى زمنه أو ادعى ان كان مشتريا أنه رد فى زمنه فلا يقبل منه ذلك الا ببينة.

قال ابن يونس قال بعض أصحابنا اذا كان الثوب بيد البائع والخيار له لم يحتج بعد أمد الخيار الى الاشهاد ان اراد الفسخ وان أراد أيضا البيع فليشهد على ذلك.

وأن كان الثوب بيد المشترى فأراد أمضاء البيع لم يحتج لاشهاد، وان أراد فسخه فليشهد وهذا واضح.

ثم قال: من اشترى سلعة على الخيار ثم باعها فى زمن الخيار ولم يخبر البائع باختيار امضاء البيع ولم يشهد على ذلك وادعى أنه اختار الامضاء قبل البيع وخالفه البائع وأراد نقض البيع أو أخذ الربح فهل يصدق المشترى فى دعواه اختيار الأمضاء قبل البيع بيمين وحينئذ فلا يكون للبائع سلاطة على المشترى لا بأخذ ربح ولا بنقض بيع وهذا ما حكاه ابن حبيب عن مالك وأصحابه وهو قول ابن القاسم فى بعض روايات المدونة.

وفى الموازية: ولا يصدق المشترى أنه اختار الأمضاء قبل بيعه وحينئذ فيخير البائع بين نقض بيع المشترى وبين اجازته وأخذ ربحه.

[مذهب الشافعية]

جاء فى الأم (٢): تحت عنوان الاشهاد فى البيع - قال الله تعالى: «وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ} (٣)» فاحتاج أمر الله عز وجل بالاشهاد عند البيع أمرين:


(١) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج ٣ ص ١٠٠.
(٢) أنظر كتاب الأم للامام أبى عبد الله محمد أبن ادريس الشافعى برواية الربيع بن سليمان المرادى ج ٣ ص ٧٦، ٧٧ طبع المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر المحمية الطبعة الأولى سنة ١٣٣٤ هـ‍.
(٣) الآية رقم ٢٨٢ من سورة البقرة.