للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الشافعية]

جاء فى الفتاوى الكبرى (١): أنه اذا شهدت بينة بأن فلانا بالغ بالسن، وبينة أخرى بأنه لم يبلغ به، أو بأن عمره ثلاث عشرة سنة، فهل تكون من شهادة النفى مقبولة أولا، وهل يفرق بين الصورتين، وان قيل هذا فما صورة شهادة النفى المقبول وغيره؟

الذى صرحوا به: أنه لا بد فى الشهادة بالبلوغ بالسن من كون الشاهدين خبيرين، وأنه لا بد من ذكرهما لعدد السنين، لاختلاف العلماء فى سن البلوغ، فحينئذ اذا تعارضت بينتان، فان كانت احداهما خبيرة به دون الأخرى، قدمت الخبيرة على الأخرى، وكذا اذا أطلقت احداهما وعينت الأخرى، فقدم المعينة على المطلقة، وان كانتا خبيرتين وعينتا، كأن قالت واحدة سنه خمس عشرة سنة، وقالت الأخرى سنه أربع عشرة سنة قدمت الأولى، لأن معها زياده علم بكونها ناقلة أصل بقاء الحمل فى البطن، والأخرى مستصحبة لبقائه فيها، والناقلة مقدمة على المستصحبة، كما صرحوا به.

نعم ان عينت زمنا للولادة، بأن قالت ولد وقت كذا، وقالت الأخرى شاهدنا أمه فى ذلك الوقت، وهى غير والدة تعارضتا وتساقطتا.

وبما تقرر علم أن ما ذكره السائل نفع الله به من شهادة البينة بأن فلانا بالغ بالسن غير مقبولة، وكذا شهادة البينة الاخرى أنه غير بالغ بالسن، لما تقرر أنه لا بد من ذكر عدد السنين، وهذا من صورة شهادة النفى غير المقبول.

وان بين من لم يبلغ بالسن وعمره ثلاث عشرة سنة فرقا اذ الأولى غير معينة للسنين، فلا تقبل، وان لم يعارضها بينة أخرى، والثانية معينة لها فتقبل، ما لم تعارضها بينة أخرى، كما قدمته.

وصورة شهاده النفى المقبول هنا ما ذكرته من أن تعين بينته وقتا للولادة، وتقول الأخرى شاهدنا أمه فى ذلك الوقت غير والدة فهذا نص محصور فتقبل، بمعنى أنه تكفى البينة الأخرى، لما تقرر من تعارضهما.

[مذهب الحنابلة]

جاء فى كشاف القناع (٢): أن من شك


(١) الفتاوى الكبرى الفقهية للعالم ابن حجر المكى الهيثمى وبهامشه فتاوى العلامة شمس الدين بن العلامة شهاب الدين أحمد ابن أحمد بن حمزة الرملى ج ٣ ص ٥٥ طبع مطبعة عبد الحميد أحمد حنفى بمصر سنة ١٣٥٧ هـ‍.
(٢) كشاف القناع عن متن الاقناع وبهامشه منته الارادات ج ٤ ص ٢٩٢ الطبعة السابقة والاقناع فى فقه الامام أحمد بن حنبل ج ٤ ص ٤٥٦، ص ٤٥٧ الطبعة السابقة.