جاء فى بدائع الصنائع أنه لا خلاف فى جواز الوقف فى حق زوال ملك الرقبة اذا اضافه الى ما بعد الموت بأن قال اذا مت فقد جعلت دارى أو أرضى وقفا على كذا أو قال هو وقف فى حياتى صدقة بعد وفاتى.
واختلفوا فى جوازه مزيلا لملك الرقبة اذا لم توجد الاضافة الى ما بعد الموت.
قال أبو يوسف ومحمد وعامة العلماء رضى الله تعالى عنهم: يجوز حتى لا يباع ولا يوهب ولا يورث وذلك للاقتداء برسول الله صلّى الله عليه وسلّم والخلفاء الراشدين وعامة الصحابة رضوان الله تعالى عنهم أجمعين، فانه روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقف ووقف سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر وسيدنا عثمان وسيدنا على وغيرهم رضى الله عنهم وأكثر الصحابة وقفوا، ولأن الوقف ليس الا ازالة الملك عن الموقوف وجعله لله تعالى خالصا، فأشبه الاعتاق وجعل الأرض أو الدار مسجدا، والدليل عليه أنه يصح مضافا الى ما بعد الموت فيصح منجزا وكذا لو اتصل به قضاء القاضى يجوز وغير الجائز لا يحتمل الجواز لقضاء القاضى.
وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى:
لا يجوز حتى كان للواقف أن يبيع الموقوف وأن يهبه واذا مات يصير ميراثا لورثته لما روى عن عبد الله بن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه قال لما نزلت سورة النساء وفرضت فيها الفرائض قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حبس عن فرائض الله تعالى أى لا مال يحبس بعد موت صاحبه عن القسمة بين ورثته والوقف حبس عن فرائض الله تعالى فكان منفيا شرعا.
وعن شريح أنه قال جاء محمد يبيع الحبيس وهذا منه رواية عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه يجوز بيع الموقوف لأن الحبيس هو الموقوف فعيل بمعنى المفعول اذ الوقف حبس لغة فكان الموقوف محبوسا فيجوز بيعه.
وبه تبين أن الوقف لا يوجب زوال الرقبة عن ملك الواقف.
وأما وقف رسول الله صلّى الله عليه وسلم فانما جاز، لأن المانع من وقوعه حبسا عن فرائض الله عز وجل ودفعه صلّى الله عليه وسلّم لم يقع حبسا عن فرائض الله تعالى لقوله صلّى الله عليه وسلم انا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقه.