للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحائط‍ فأفرد بالبيع ما لم يؤبر فللمبيع حكمه.

ومن ذلك أيضا ما جاء فى بدائع الصنائع (١) فى الوصية: من أن الموصى إذا أفرد ملك النفعة بالوصية صحت الوصية بها منفردة، خلافا لما رآه ابن أبى ليلى.

ومن ذلك ما جاء فى المحلى (٢) لابن حزم الظاهرى رحمه الله تعالى: «أن من أعطى شيئا غير معين من جملة أو عددا كذلك أو زرعا كذلك أو وزنا كذلك أو كيلا كذلك فهو باطل لا يجوز به، مثل أن يعطى درهما من هذه الدراهم أو دابة من هذه الدواب لأنه لم يوقع الهبة على شئ أبانه عن ملكه. لما روى أن عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه كتب أنه لا يجوز من النحل إلا ما أفرد. والأمثلة كثيرة فى الأبواب المختلفة من كتب الفقه.

حكم أفراد كل من المضمضة والاستنشاق

بماء واحد على حده

[مذهب الحنفية]

جاء فى بدائع الصنائع (٣) أن من سنن الوضوء عند الحنفية المضمضة والاستنشاق وقال أصحاب الحديث ومنهم أحمد بن حنبل هما فرضان فى الوضوء والغسل جميعا.

ولنا أن الواجب فى باب الوضوء غسل الأعضاء الثلاثة ومسح الرأس وداخل الأنف، والفم ليس من جملتها.

ومن السنن الترتيب فى المضمضة والأستنشاق وهو تقديم المضمضة على الاستنشاق، لأن النبى صلى الله عليه وسلم كان يواظب على التقديم.

ومن السنن كذلك إفراد كل واحد من المضمضة والاستنشاق بماء على حدة عندنا.

وعند الشافعى رحمه الله تعالى السنة الجمع بينهما بماء واحد، بأن يأخذ الماء بكفه فيتمضمض ببعضه ويستنشق ببعضه. واحتج بما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمضمض واستنشق بكف واحد.

ويدل لنا أن الذين حكوا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذوا لكل واحد منهما ماء جديدا، ولأنهما عضوان منفردان فيفرد كل واحد منهما على حدة كسائر الأعضاء.

وما رواه الشافعى رحمه الله تعالى محتمل يحتمل أنه تمضمض واستنشق بكف واحد بماء واحد.

ويحتمل أنه فعل ذلك بماء على حدة فلا يكون حجة مع الاحتمال. أو يرد المحتمل إلى المحكم وهو ما ذكرنا توفيقا بين الدليلين.


(١) كتاب بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لأبى بكر بن مسعود الكاسانى ج ٧ ص ٣٥٢ وما بعدها طبع مطبعة المطبوعات العلمية بمصر سنة ١٣٢٨ هـ‍ الطبعة الأولى.
(٢) كتاب المحلى للإمام أبى محمد على بن أحمد بن سعيد ابن حزم الظاهرى ج ٩ ص ١٥٢ مسألة رقم ١٦٣٤ طبع مطبعة النهضة بمصر إدارة الطباعة المنيرية الطبعة الأولى سنة ١٣٤٧ هـ‍.
(٣) بدائع الصنائع ج ١ ص ٢١